المتعة والفائدة والمال في موقع واحد

نتائج المباريات - دوريات مصر - دوريات أفريقيا - دوريات أوروبا - دوريات آسيا - دوريات أمريكا
دليل منتديات، وشاتات كتابيه وصوتيه
البداية المقالات أحدث المواقع عرض الأقسام اضف موقعك اتصل بنا أخبر صديقك RSS
الإعلانات
شات اغراب
حكم وامثال
 

دخول الموقع

الرأي العام في القرن الواحد والعشرين

مشروع: ليس للإقتباس أو الإستشهاد

رسل ج. بروكر، كلية ألفيرنو

تود شيهافر، جامعة فيلاديلفيا بوسطن واشنطن المركزية

"طرق قياس الرأي العام"

"تفصح الحقيقة عن نفسها بدرجات مختلفة، ويمكن أن نتقدم من فهم غير كامل إلى فهم أكثر وأكثر إكتمالاً للحقيقة. الحقيقة ليست شيئاً، ليست هدفاً يمكن أن نحققه بالكامل أو لا نحققه على الأطلاق" – جوته

إن الدراسة الأكاديمية الرسمية للرأي العام أمر جديد نسبياً ولكن الدراسة العملية للرأي العام ليست جديدة على الإطلاق. إنتبهت الحكومات للرأي العام منذ أن وجدت الحكومات. حتى أعتى الطغاة يحتاجون لمعرفة ما يفكر فيه الناس، حتى لو كان ذلك لمجرد إضطهادهم بشكل أكثر كفاءة. وكما قال في. أو كي الأصغر باحث الرأي العام الشهير، "يجب على الحكومات أن تشغل نفسها بآراء مواطنيها، لو فقط أرادت توفير أساس لكبت الإستياء" (1961،3)

أحد أوجه التعبير المبكرة عن الرأي العام تمثل في التمرد أو الثورة. ظهرت تمردات الفلاحين عبر التاريخ. عندما رأي الملك رعاياه في تمرد علني، كان من الواضح أن الدعم العام لحكومته يتآكل. وكانت الضرائب الغير مدفوعة تلميح آخر فعندما رأى الحكام إيصالات الضرائب الخاصة بهم تقل وسمعوا تقارير عن قتل محصلي الضرائب ، عرفوا أن الرأي العام يتحول ضدهم.

لعدة قرون أنشأ الحكام قوات الشرطة السرية لمعرفة من يعارضون الحكومة والقضاء عليهم. وكان من مهام الشرطة السرية، من بين أمور أخرى، العمل كمراقبين للرأي العام.

لحسن الحظ، لا تحتاج جميع الحكومات لتوظيف الشرطة السرية أو لإنتظار ثورات الفلاحين للتعرف على الرأي العام. لدى الحكومات الديمقراطية خاصة، إجراءات أفضل بكثير لمعرفة الرأي العام وقياسه. في هذا الفصل، نحن نستكشف السبل التي يمكن للحكومات بها أن تتعرف على آراء مواطنيها وتتعامل معها،

سنقوم بتصنيف أساليب معرفة الرأي العام إلى مناهج أو طرق رسمية وغير رسمية. المناهج غير الرسمية مهمة جداً لكنها لا تنطوي على أي منهجيات بحثية رسمية صريحة. والمناهج غير الرسمية تشمل الانتخابات، ورسائل الناخبين، والتغطية الإعلامية، ومسيرات الاحتجاج. المناهج الرسمية، من ناحية أخرى، تنطوي على تصاميم البحوث المحددة ومناهج البحث الرسمية. فهي أساليب مصممة من قبل خبراء للبحث في الرأي العام. الأمثلة على المنهجيات الرسمية تشمل الاستبيانات الهاتفية، ومجموعات التركيز، وتحليل المحتوى.

في هذا الكتاب، مثل أي كتاب يتناول الرأي العام، نكرس معظم التغطية لطرق البحث رسمية، خصوصا بحوث المسح. ولكن نظرا لتركيزنا على كيفية ترجمة آراء أفراد الجمهور إلى سياسة عامة، فسنقضي مزيد من الوقت في الطرق "غير الرسمية" أكثر مما هو معتاد في كتاب مثل هذا. سنحاول عرض الرأى العام كما يراه صناع القرار الحكوميين. في العالم الحقيقي للسياسة، يعرف هؤلاء القادة الحكوميين المزيد عن آراء الناس بمجموعة متنوعة من الطرق، سواء الرسمية أو غير الرسمية. سنقوم مرة أخرى بالتركيز على الطرق غير الرسمية التي يعرف من خلالها القادة السياسيين الرأي العام في فصل المشاركة السياسية. سنرى في هذا الفصل أن الطرق غير الرسمية تميل لتفضيل أفراد المجتمع الأثرياء والمتعلمين.

1.   الطرق "غير الرسمية" لقياس الرأي العام

أ‌.       الإنتخابات

الطريقة الأكثر شيوعاً لمعرفة الرأي العام بالنسبة للحكومة الديمقراطية هي من خلال الإنتخابات. حيث يتم دمج الإنتخابات في النظام، على فترات منتظمة في الولايات المتحدة وعلى فترات غير منتظمة في دول ديمقراطية أخرى. والإنتخابات مهمة لأنها تحدد تشكيل الحكومة وهي أيضاً إحدى الطرق التي يعبر بها الرأي العام عن مشاعرة السياسية. ولكنها ليست طريقة دقيقة للتأكد من الرأي العام.

قد يحاول السياسيون والباحثون معرفة لماذا فاز شخص ما بالإنتخابات بينما لم يفز بها أخر، ولكن في العادة هناك الكثير من العوامل مما يجعل تحديد سبب واحد أو عدة أسباب شيئ مستحيل. ربما فاز المرشح لأنه متصل بالمصوتين ويفهم إحتياجاتهم أكثر من أي مرشح أخر. ولكن من ناحية أخرى، قد يكون المرشح قد فاز لأنه متحدث أفضل أو أن إعلاناته التليفزيونية أكثر أو أفضل. حتى لو كان المرشح قد فاز بسبب قضايا ما فمن الصعب تحديد أهم القضايا. فقد يكون بعض المصوتين قد قرروا على أساس القضايا الإقتصادية، بينما قرر أخرون على أساس موقف المرشح من الإجهاض أو السيطرة على السلاح. في النهاية، كل ما تخبرنا الإنتخابات به فيما يتعلق "بما يريده العامة" هو أنهم فضلوا مرشح عن أخر وليس سبب ذلك.

الانتخابات هي أيضا مقاييس ناقصة للرأي العام لأنها لا تعكس سوى آراء الذين صوتوا. بالتأكيد، في المجتمعات التي لجميع البالغين فيها الحق في التصويت، يمكن للانتخابات أن تعكس وجهات النظر المختلفة لجميع الناس. ولكن في الواقع، لا يصوت الجميع وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يشارك حوالي نصف الناخبين الذين لهم حق التصويت فقط في الانتخابات الرئاسية، بل و أقل من ذلك في الانتخابات الأخرى. لذلك، تميل الانتخابات لأن تعكس وجهات نظر أولئك الذين يصوتون، الذين ليسوا بالضرورة ممثلين للعامة. كما سنرى لاحقا، تميل الانتخابات لأن تعكس وجهات نظر المواطنين الأكثر تعليماً وثراء.

بينما تمثل الانتخابات وسيلة فظة لقياس الرأي العام، إلا أنها الوسيلة الأكثر فعالية التي يمكن من خلالها للرأي العام أن يسيطر على الحكومة والسياسة العامة. سيتجنب السياسيون المنتخبون، الذين هم مرشحي المستقبل اتخاذ مواقف خاصة لا تحظى بشعبية في القضايا لأنهم يعرفون أن الناخبين قد يلاحظون ذلك ويمكن أن يظهر استيائهم في صناديق الاقتراع. حتى لو لم يلحظ الناخب موقف المرشح من تلقاء نفسه، سيسعد المرشحون المعارضون بتوضيح ذلك الموقف. وبهذه الطريقة، تجعل الانتخابات السياسيين مسئولين أمام آراء الناخبين، حتى آراء الناخبين الكامنة التي يحملونها بدون وعي. إذاً فتصورات السياسيين حول الرأي العام، قد تكون بنفس أهمية الرأي العام الفعلي نفسه. فقد تمتنع مشرعة للدولة عن التصويت لصالح مشروع قانون غامض لكن لا يحظى بشعبية لأنها تخشى من إهانة  الناخبين والتصويت لمنافستها في الانتخابات المقبلة، حتى لو كان الناخبون في حقيقة الأمر لن يعلموا أبداً.

ب‌. جماعات المصالح والضغط

من غير المرجح أن تكون جماعات الضغط مقاييس سليمة للرأي العام. فهي غير ممثلة بشكل كبير للعامة أو الشعب ككل. من المرجح أن يكون أغنياء المجتمع ومتعلميه منظمين في جماعات ضغط وأن يستخدموا ممثلين لهم. بينما يكون الفقراء وغير المتعلمين أقل قدرة على الحديث مع الحكومة من خلال جماعات الضغط. ومع ذلك، يهتم المشرعون والعاملون بالمنظمات السياسية وأفراد الحكومة بما تقوله جماعات الضغط. ولديه سبب وجيه عندما يفعلون ذلك. فلدى جماعات اضغط معلومات وافرة بشأن قضاياهم التي تتعلق بموظفيهم، ويمكنهم الوصول ااحقائق الضرورية لصياغة القوانين، كما أنهم يفهمون العملية السياسية، ويتواجدون عند الضرورة للإجابة على الأسئلة.

في دراسة لأعضاء اللجنة في المجلس التشريعي لولاية إلينوي، وجدت سوزان هيربست (1998) أن هؤلاء يهتمون بشدة بجماعات الضغط وفي الحقيقة أخذوا في إعتبارهم ماقالوه للرأي العام. كانت هيربست واضحه في قولها بأن هؤلاء الأعضاء لم يعتبروا أن آرائهم بديل الرأي العام، فقد إعتبروا أنها الرأي العام. إعتمد الأعضاء على جماعات الضغط ليكونوا وسيلتهم لهم الرأي العام جزئياً لأنهم تصوروا أنهم على إتصال بشعب إلينوي وأنهم ينقلون رأي الناس بأمانة. شعر الأعضاء أن جماعات الضغط أمينة لأن الثقة فيهم ستفسد في حالة تلبسهم بالكذب. السبب الأخر لإعتماد الأعضاء على جماعات الضغط لفهم الرأي العام هو أن جماعات الضغط موجودة دائماً وعليمة بشأن الموضوعات ومشروعات القوانين التي يتم تناولها في المجلس التشريعي. فبينما قد يدعم العامة قانون لتخفيض الضرائب إلا أن الناس العاديين لن يفهموا كيف يمكن تخفيض الضريبة أو قدر هذا التخفيض. ولكن جماعات الضغط تستطيع ذلك. وطبقاً لهيربست فإن الأعضاء السياسيين تصوروا المواطنين العاديين على أنهم كسولين وغير مهتمين بالسياسة.

ج. الإعلام:

العديد من مسئولي الحكومة والمواطنين العاديين يشاهدون وسائل الإعلام لفهم أراء العامة. في دراسة هيربست، وجدت أن أعضاء المجلس التشريعي إعتبروا أيضاً أن الإعلام يقدم الرأي العام بدقة. وسائل الإعلام مهمة في فهم أراء الناس، وسنخصص فصل كامل للإعلام لاحقاً في هذا الكتاب.

وسائل الأعلام، مثل التليفزيون، الجرائد والمجلات مهمة بسبب الأخبار التي تختارها وكيفية تصويرهم للقضايا أو الموضوعات. بعبارة أخرى، هي مهمة في تحديد الأجندة السياسية (ما يفكر فيه الناس في الحكومة) وفي تشكيل الموضوعات (كيف يتم تناول الموضوعات).

وسائل الإعلام المطبوعة مهمة أيضاً كقنوات للآراء من كتاب الإفتتاحيات، وكتاب الأعمدة والناس العاديين الذين يرسلون بخطابات للمحرر. معظم الجرائد الكبيرة تطبع آراء محرريها وتعرض مقالات كتاب الأعمدة الليبراليين والمحافظين. وأيضاً معظمها يطبع خطابات للمحرر تسمح للناس العاديين بالقدرة على التعبير عن أي رأي. بعض المجلات مثل التايم Time ونيوزويك Newsweek تغطي السياسة بطريقة غير متحيزة بشكل كبير، ولكن هناك مجلات أكثر تمثل أي موقف سياسي محدد في المجال السياسي الأمريكي. المجلات المحافظة مثل ناشيونال ريفيو National Review تعبر عن الآراء من المركز السياسي مباشرة، بينما المجلات الليبرالية مثل الجمهورية الجديدة The New Republic تميل لتفسير السياسات من وجهة نظر أكثر يسارية. تلك المجلات الأيديولوجية مفيدة لتفسير آرائها لقرائها ولمسئولي الحكومة. وسواء كانت المجلات محافظة أو ليبرالية فإن المسئولين المنتخبين ينظرون عادة إلى المجلات المحافظة أو الليبرالية لدعم وتبرير آرائهم.

د.الخطابات والمكالمات:

يستخدم الناس الخطابات والمكالمات الهاتفية للتعبير عن آرائهم لممثليهم المنتخبين. وبينما يكون العديد من تلك الخطابات والمكالمات عن مشكلات شخصية معينة، مثل فقدان شيكات التأمين الإجتماعي، إلا أن العديد منها يكون عن موضوعات سياسية مثيرة. يلاحظ السياسيون متى يكتب ناخبيهم. وقد تمثل خطابات قليلة من الناخبين آراء آلاف من المصوتين.

تنشأ الخطابات والمكالمات عفوياً من أناس عاديين مهتمين. ولكن في بعض الأحيان تنظم جماعات المصالح أعضائها للكتابة إلى أو الإتصال بممثليهم في المجالس التشريعية للولايات أو في الكونجرس. تفهم جماعات المصالح كيف يهتم المسئولون المنتخبون بالإتصال بناخبيهم وتستخدم هؤلاء الناخبين للضغط على صناع القوانين. يعرف ذلك بالضغط على المستوى القاعدي. وفي مثالين من إدارة الرئيس كلينتون: 1) دفعت جماعات المصالح في مجال قروض الطلاب (هؤلاء الذين قد يكونون قد تعاملوا مع القرض الخاص بك) أعضائها للإتصال مع ممثليهم وأعضاء مجلس الشيوخ لمعارضة مشروع قانون يصلح من إجراءات القرض للطلاب (والدمان،2)، وحثت مجموعات المصالح في مجال الرعاية الصحية مثل صناديق المرضى HMOs والمستشفيات أعضائها على الإتصال بممثليهم وأعضاء مجلس الشيوخ لمعارضة خطة كلينتون للتأمين الصحي الوطني (جاكوبس و شابيرو). وبينما لا ينجح الضغط القاعدي طوال الوقت، فإنه كان فعالاً في المثالين فلم يتم إعادة تنظيم أي من مجال قروض الطلاب ولا مجال الرعاية الصحية بواسطة الكونجرس.

مرة أخرى، لا تمثل الخطابات وسيلة "مناسبة" لتقييم الرأي العام. فيميل كاتب الخطاب إلى أن يكون أعلى تعليماً وأكثر غنى عن المواطن المتوسط. لذلك فإن الأصوات التي يسمعها صناع القانون في المكالمات و الخطابات التي يتلقونها من الناخبين تميل للحديث بنبرة الطبقة الأعلى وليس أغلبية المواطنين.

هـ. الإحتجاجات

في الحكومات الديمقراطية كما في الديكتاتوريات، خدمت الإحتجاجات الحكومات كمؤشرات على عدم رضاء المواطنين عن سياسات الحكومة. في الولايات المتحدة، وخصوصاً في الأربعين سنة الماضية، كانت الإحتجاجات وسيلة أساسية للتواصل مع الحكومة. في الستينيات، كان قادة الحقوق المدنية رواد للإستخدام الفعال للإحتجاجات، مع تلازمها بشكل كبير مع وسيط التليفزيون الناشئ. هدف الإحتجاج هو جعل وسائل الإعلام وبشكل أوسع العامة ومسئولي الحكومة يلاحظون مشكلة ما كانوا يتجاهلونها.

كان مارتن لوثر كينج الإبن أستاذ في التعامل مع الإعلام لتضخيم أثر الإحتجاجات. أراد كينج من مسيراته الإحتجاجية في الجنوب أن تظهر وحشية النظام السياسي والقانوني التمييزي لجيم كرو، فقد صوب إحتجاجاته تجاه رجال القانون الأكثر وحشية في الجنوب، مثل الشريف جيم كلارك في سيلما وبول كونور في بريمنجهام، ألاباما. وبإظهار بشاعة ذلك على التليفزيون، أظهر كينج مع عاملي الحقوق المدنية الأخرين أن النظام القضائي الجنوبي يحتاج إلى تدخل مادي إجباري في مسألة تميز البيض. كانت تلك المسيرات الإحتجاجية ناجحة للغاية، فقد أثارت إنتباه وسائل الإعلام – والرئيس كينيدي و جونسون والكونجرس – للقمع الجنوبي للأمريكيين الأفريقيين وأدت إلى تمرير قانون الحقوق المدنية لعام 1964 وقانون حقوق التصويت لعام 1965.

ومنذ النجاح الذي حققته إحتجاجات الحقوق المدنية تبنى العديد من المجموعات الأخرى الإحتجاجات كجزء من أدوارها للإتصال مع الحكومة. إستخدمت حركة المرأة، و قوى الحق في الحياة، والحق في الإختيار وحركة حقوق الشواذ الإحتجاجات خلال الثلاثين سنة الماضية تقريباً. ولكن ما كان جديداً في أوائل الستينيات أصبح شائعاً اليوم، وتزداد صعوبة جذب إنتباه وسائل الإعلام وأن تكون ملحوظاً في الإحتجاجات. في حرب العراق عام 2003 كان هناك مسيرات إحتجاجية كثيرة ضد الحرب، ولكنها لم تجذب إنتباه وسائل الإعلام بقدر ملحوظ وظهر أنها لم تغير سياسة الحكومة على الإطلاق.

مرة أخرى، الإحتجاجات ليست مفيدة بشكل خاص في تحديد ما يعتقده العامة ككل. وبينما يبدو أن الإحتجاجات ربما تكون طريقة يمكن لأي شخص إستخدامها حتى أفقر الناس، لكن في الحقيقة يبدو أن المواطنين الأفضل تعليماً وذوي الدخول الأعلى أكثر إحتجاجاً من الأخرين. الإحتجاج مثله مثل الطرق "الغير رسمية" الأخرى للتأكد من الرأي العام، يميل أو ينحرف تجاه الشرائح الأكثر ثراء من الشعب.

و. إستطلاعات القش:

إستطلاعات القش هي حل وسط بين الطرق أو المناهج الرسمية وغير الرسمية. تبدوا إستطلاعات القش مثل إستطلاعات الرأي العام الرسمية، ولكنها تتم مع إهتمام أقل بسلامة النتائج. قبل ظهور المسح الإحصائي في الثلاثينيات كانت كل الإستطلاعات إستطلاعات قش. واليوم، وفي شكل شائع من إستطلاعات القش يقوم أعضاء الكونجرس بإرسال إستبيانات لناخبيهم لمعرفة آرائهم بشأن الموضوعات الحالية المهمة. أو يرتبون الخطابات و المكالمات الهاتفية – حتى يكون هناك أشخاص كثيرون في جانب، وأشخاص كثيرون في الجانب الأخر. وحيث لا يمكن جعل من يجيبون على تلك المسوح – المكالمات أو المكاتبات – ممثلين لجميع الناخبين، فإن نتائج تلك المسوح و الترتيبات لا تمثل عادة آراء الناخبين. ومع ذلك، أظهر البحث أن أعضاء الكونجرس يستخدمون في الغالب نتائج إستطلاعات القشة هذه (جاكوبس و شابيرو 2000). وفي إستخدام خيالي لإستطلاع القشة في سباق منصب الحاكم عام 2003 بكاليفورنيا، أعلن تاكو بل أن كل من يطلب لحم الباريتو فهو يصوت لأرنولد شوارزنيجر، المتسابق الجمهوري، وكل من يطلب فراخ باريتو فهو يمنح الأصوات لجراي دافيز، النظير الديمقراطي.

2.   الطرق "الرسمية" لقياس الرأي العام

يتم عادة تقسيم الطرق أو المناهج "الرسمية" لقياس الرأي العام إلى مناهج كمية و مناهج نوعية. بصفة عامة، الطرق الرسمية هي طرق أكثر نظامية أو منهجية لمعرفة أو التأكد من الرأي العام. يتم القيام بالطرق الرسمية عادة من خلال باحثين يفهمون إستخداماتها المناسبة – وغير المناسبة – والتي يقل فيها إحتمال سوء إستخدامها أو تفسيرها من قبل السياسيين أو غير الباحثين على أنها تمثل الرأي العام للجماهير بينما هي ليست كذلك.

تشمل الطرق الكمية الأرقام – وعادة الإحصائيات. معظم البحوث العامة تتم كمياً وفي الغالب من خلال المسوح. ولكن، يتم القيام بكثير من البحوث المتعلقة بالرأي العام نوعياً. برغم أن الطرق النوعية أقل أهمية في البحث الأكاديمي، إلا أنها شديدة الأهمية عندما يقوم السياسيون والباحثون بإجراء بحوث لأغراضهم الخاصة. يتم إستخدام أحد الطرق النوعية وهي مناقشات مجموعة التركيز بشكل واسع من قبل المرشحين لمنصب حاكم الولاية والكونجرس والرئاسة عندما يقومون بتطوير والقيام بحملاتهم.

أ‌.       الطرق الكمية الرسمية

دعنا نبدأ هذا القسم من الفصل بقصة عن محاولة مبكرة لبحث الرأي العام من خلال بحوث المسح. إنها قصة محاولة مجلة الفهم الأدبي Literary Digest للتنبؤ بنتيجة الإنتخابات الرئاسية عام 1936. وهو مثال سيئ تماماً. لأنه يبين كيف أن الطريقة السيئة تؤدي إلى نتائج غير دقيقة.

كانت المجلة مجلة شهيرة تنبأت بعدة إنتخابات قبل عام 1936. وكانت طريقة المجلة في معرفة نوايا المصوتين تتمثل في إرسال "أوراق إقتراع" لملايين من الناس ثم تقوم بعد أوراق الإقتراع التي تم إعادتها بالبريد. في عام 1936، قامت المجلة بإرسال حوالي 10 مليون "ورقة إقتراع" لأشخاص يمتلكون هواتف وسيارات. قام حوالي مليوني شخص بإعادة الأوراق. وبثقة كبيرة أعلنت المجلة أن ألفريد لاندون سيكون الرئيس التالي.

هل سمعت من قبل عن الرئيس لاندون؟ لا نعتقد ذلك. حصل السيد لاندون على 36.5% من الأصوات الشعبية وثمانية أصوات إنتخابية فقط (ماين وفيرمونت). تذكر هذه القصة. سنعود لها لاحقاً عند مناقشتنا للأخطاء التي يجب تجنبها عند القيام ببحث مسحي

1.   مسوح العينة

الطريقة الأكثر شيوعاً حتى الأن لمعرفة الرأي العام هي مسح العينة. في مسح العينة، يقوم الباحثون بسؤال مئات أو آلاف قليلة من البشر عن آرائهم بشأن الموضوع الجاري تناوله. عند تطبيق ذلك على الإستخدام السياسي، كما في الحملات الإنتخابية يتم تسمية البحث المسحي غالباً "التصويت" وتسمى دراسات البحث المسحي "إستطلاعات الرأي". ينظر بعض الباحثين للبحث المسحي على أنه الطريقة الوحيدة لمعرفة الرأي العام، ويكرسون كل أو معظم تحليلهم للرأي العام لتحليل البحث المسحي. نحن نعتقد أن البحث المسحي هو أهم طريقة لمعرفة الرأي العام وسنكرس معظم هذا الكتاب للبحث المسحي وما وجده المحللون من خلال البحث المسحي. في فصول لاحقة سنركز بشدة على مسحي عينة رئيسيين – دراسة الإنتخابات الوطنية الأمريكية (NES) ودراسة المسح الإجتماعي العام (GSS)

أ‌.       أنواع المسوح

هناك ثلاثة طرق أساسية لمسح الناس: مقابلات وجهاً لوجه، المقابلات الهاتفية، ومسوح البريد

1)   مقابلات وجهاً لوجه

في مقابلات وجهاً لوجه، يتكلم القائمين بالمقابلة مع المبحوثين شخصياً ويكون ذلك عادة في منازلهم. وكان ذلك في وقت من الأوقات النوع الأكثر شيوعاً للمسح، ولكنه نادراً مايستخدم في يومنا هذا. وهناك إستثنائين رئيسيين مازال يتم فيهما إستخدام المقابلة وجهاً لوجه هما دراسات الإنتخابات الوطنية والمسح الإجتماعي العام. تتميز بحوث وجهاً لوجه بأنها يمكن أن تكون طويلة للغاية (تزيد أحياناً عن الساعة) وأكثر تعقيداً، لأن القائم بالمقابلة قد يقوم بشرح الأسئلة للمبحوث. أيضاً، يمكن للقائم بالمقابلة أن يستخدم مساعدات بصرية مثل الصور أو المقاييس المدرجة. في الغالب يتم إستخدام المقاييس المدرجة في العديد من أنواع المسوح ولكنها تكون أكثر سهولة في الرؤية في المسح الذي يمكن فيه للمبحوث أن يرى المقياس. على سبيل المثال، في أحد أنواع الأسئلة تضع المبحوثة نفسها على تدريج "ترمومتر" لتقييم شخص ما، مثل مسئول منتخب. إذا كانت المبحوثة تحب المسئول بحق ستضع نفسها عند درجة "100"، ولكن إن لم تحب المسئول تضع نفسها عند درجة صفر. وبينما يمكن لهذه المبحوثة أن تضع نفسها على التدريج في أي نوع من المسح، سيكون الأمر أكثر سهولة في المسح الذي يمكنها فيه أن ترى صورة الترمومتر.

هناك عقبتين خطيرتين أمام مسوح وجهاً لوجه. العقبة الأولى هو أنه من غير المرجح أن يقدم المبحوثون إجابات محرجة أو غير مقبولة إجتماعياً للمحافظة على شكلهم أمام القائم بالمقابلة. تمثل الأسئلة المتعلقة بالعرق أو السلالة حساسية خاصة في مقابلات وجهاً لوجه. المشكلة الأخرى أنها تستغرق وقت طويل لإستكمالها. فيمكن إستغراق ما يزيد عن الشهر لإستكمال مسح بسيط لربعمائة مبحوث. ولكن المشكلة الأخطر في مسوح وجهاً لوجه هو تكلفتها. بإعتبار أن على القائمين بالمقابلة أن يصلوا لمنازل المبحوثين وإن لم يجدوهم بها فعليهم العودة مرة أخرى، يمكن لمرتبات القائمين بالمقابلة أن ترتفع بشدة . في دراسات الإنتخابات الوطنية تكون التكلفة عدة مئات من الدولارات للمقابلة المكتملة. وقد تم تضمين المقابلات الهاتفية في مسوح دراسات الإنتخابات الوطنية الأخيرة لتوفير التكلفة بالأساس.

2)   المقابلات الهاتفية

مسح الهاتف هو أكثر أنواع مسوح الرأي العام إنتشاراً التي يتم إجرائها اليوم. إذا قرأت عن إستطلاع رأي في جريدة أو مجلة أو سمعت عنه في التليفزيون، فربما تم ذلك عبر الهاتف. تتميز المسوح الهاتفية ببعض الميزات عن مسوح وجهاً لوجه وخصوصاً في تكلفتها الأقل كثيراً وتنفيذها الأسرع. قد يكلف مسح لمدة 15 دقيقة لربعمائة مبحوث 15000 دولار ويستغرق أيام قليلة. ولو كانت السرعة مهمة يمكن إنجاز المسح في ليلة واحدة.

العيوب الأهم أمام مسوح الهاتف هو بساطتها وقصرها. من المستحيل أن تسأل أسئلة معقدة أو طويلة وتحصل على إجابات لها معنى. حيث يجد الناس صعوبة في فهم الأسئلة المعقدة عبر الهاتف. يمكن للقائمين بالمقابلة أن يساعدوا ولكنهم لا يستطيعون عرض صور عبر الهاتف. العيب الأخر هو قصرها. فبينما يستطيع القائمون بالمقابلة الإستمرار لمدة ساعة فإن المقابلات الهاتفية نادراً ما تزيد عن 20 دقيقة. (بعض المسوح الهاتفية تستغرق من 45 إلى 50 دقيقة ولكن ليس هناك ما يؤكد درجة إنتباه المبحوثين بنهاية المقابلات). المشكلة الأخرى هي الطبيعة الغير متوقعة و المتطفلة لمسوح الهاتف فبينما ليس صحيحاً أن كل مسح هاتفي يحدث عند بدأ العشاء ولكنه يبدو كذلك.

3)   مسوح البريد

نادراً ما تستخدم مسوح الهاتف في البحوث السياسية. فبرغم أنها يمكن أن تكون أقل تكلفة عن مسوح الهاتف إلا أن عيوبها لا يمكن إهمالها. العيب الرئيسي الأول هو أن معدل الإستجابة يبدو منخفضاً للغاية، غالباً أقل من 30%، فتصبح مسألة مدى تمثيل المبحوثين للمجتمع الأوسع محل شك. العيب الرئيسي الثاني هو أنه من المستحيل تحديد المجيب الفعلي عن الأسئلة. هل أجاب المبحوث المقصود عن الأسئلة، أم أجابت إبنته المراهقة عليها؟ أم هل ساعده أصدقائه لتقديم إجابات جماعية. من المستحيل معرفة ذلك.

مميزات مسوح البريد هي: 1) يمكن دمج الصور لتوضيح الأسئلة، 2) يمكن للمبحوثين تقديم إجابات محرجة غير مقبولة إجتماعياً ولكن صادقة بدون الخوف من تحديد هويتهم. على سبيل المثال، في مسح حديث تم إجرائه لحساب جهة حكومية، تم طرح سؤال على من تم سحب رخص قيادتهم بسبب قيادتهم وهم مخمورين بالأساس وكان السؤال هو عن عدد مرات قيادتهم الغير قانونية. وحيث لم تطلب الإستبيانات بتحديد الهوية عرف المبحوثون أنهم يمكنهم الإجابة على السؤال بدون الخوف من أن يعود ذلك عليهم بشكل سيئ. فذكر معظمهم أنهم يقودون بشكل غير قانوني وقال 17% منهم أنهم يقودون بشكل غير قانوني يومياً (بروكر 2003). هذا المسح به نفس عيوب البريد من حيث أن معدل الإستجابة كان أقل من 30%، ولم يكن الباحثون متأكدين ممن أجابوا على الأسئلة. ولكن، إقتنع الباحثون بأن السائقين الذين ليس لديهم رخص قيادة سليمة لن يجيبوا بصدق في الهاتف وإعتقدوا أن مسح البريد سيكشف عن الإجابات الأكثر صدقاً. وبالطبع لو تم تحديد الهوية في الإستبيانات بوضع أرقام الهوية مثلاً فإن تلك الميزة تختفي.

4)   طرق أخرى لجمع البيانات

يمكن إستخدام طريقتي مسح أخريتين لجمع البيانات عن الرأي العام. وبرغم إستخدام هاتين الطريقتين في بحوث التسويق التجارية إلا أنهما لا يستخدمان إلا نادراً في المسوح السياسية. الطريقة الأولى هي المقابلة عن طريق الإنترنت. وتكون الأسئلة مشابهة كثيراً لمسوح البريد ولكن تتم الإجابة على الإنترنت. المؤهلين للمشاركة في تلك المسوح هم فقط من يقومون بإستكمال الإستبيانات من خلال الإنترنت أي نسبة بسيطة من المجتمع الأمريكي ولذلك فإن العينات لا تمثل الولايات المتحدة بالكامل. تقوم عدة شركات بإجراء مسوح الإنترنت، ويتأكدون من أن الخصائص السكانية للعينة تمثل الأمريكيين بصفة عامة ولكن يشارك فقط من هم على دراية بالحاسب الآلي. قد تصبح مسوح الإنترنت واسعة الإستخدام يوماً ما في البحث السياسي ولكنها ليست كذلك حتى الأن.

الطريقة الأخرى المسحية للجمع هي المقابلات العرضية. يتم إجراء المقابلات العرضية عادة في مراكز التسوق وتشمل مقابلة الناس الذين يتم "إعتراضهم" بينما يقومون بالتسوق. تشبه المقابلات مقابلات وجهاً لوجه برغم أنها أقصر. تستخدم المشروعات التجارية المقابلات العرضية بمراكز التسوق يومياً. وربما تكون قد رأيتها حيث يكون "القائمون بالإعتراض" من النساء اللاتي تلبسن ملابس أنيقة عادة ويحملون لوحات إعلانية. ولكن نادراً ما تستخدم المقابلات العرضية في البحث السياسي. العيب الواضح هنا هو أنه يمكن "إعتراض" الناس الموجودين في مكان الإعتراض فقط في مراكز التسوق، فيمكن مقابلة القائمين بالتسوق في المراكز التجارية فقط وهم لا يمثلون عامة الشعب الأمريكي

 

ز. المجتمع والعينة

بغض النظر عن الطريقة المستخدمة، هناك مفهومين مهمين لفهم البحث المسحي. المفهوم الأول هو "المجتمع". المجتمع هو جميع الناس الذين يجمع المرأ المعلومات عنهم. إذا كان الشخص مهتماً بالإنتخابات الرئاسية سيكون المجتمع هو جميع المصوتين في الإنتخابات. إذا كان الشخص مهتماً بآراء النساء في جورجيا سيكون المجتمع هو جميع النساء في جورجيا. المفهوم الثاني هو "العينة". العينة هي جميع الناس الذين يسألهم المرأ عن آرائهم. عادة، تكون العينة أصغر بكثير من المجتمع. سبب إستخدام العينة هو أنه من المستحيل دائماً أو من غير العملي أن تقابل المجتمع بالكامل. حيث تمنع التكلفة وإمكانيات التخطيط والتنفيذ من ذلك. فحتى في مدينة قام فيها 5000 شخص بالتصويت سيكون من المستحيل مقابلة جميع المصوتين.

في المسح، يتم سؤال عدد قليل من الناس، عادة بين 400 و 2000 عن آرائهم في موضوعات أو قضايا معينة. لا يهتم الباحثون بآراء تلك القلة المختارة المحددة بشكل خاص أو يشعرون بأن آرائهم أهم من آراء الأخرين. ولكن، يهتم الباحثون بآرائهم لأنهم يمثلون ما يعتقده المجتمع الأوسع. وبلغة الإحصاء، يمكن تعميم آراء هذه المئات القليلة على المجتمع بالكامل. الأمر المثير أن الحصول على تصور دقيق للكل يتطلب عدد قليل نسبياً من الناس فالمسوح الوطنية الأفضل مثل الإنتخابات الوطنية الأمريكية (NES) والمسح الإجتماعي العام (GSS) تتكون من مقابلات لما بين 1500 إلى 2500 فرد تقريباً.

 

1)   العشوائية

ولكن، للحصول على نتائج دقيقة لا يتم الأمر بإستخدام أي 1500 شخص حيث يجب إختيار الناس عشوائياً. كلمة "عشوائي" مهمة للغاية في البحوث المسحية. عندما يتم إختيار العينة عشوائياً يكون لكل شخص في المجتمع نفس الفرصة في أن يتم إختياره. سبب أهمية العشوائية هو أن الإختيار العشوائي يمثل على الأرجح المجتمع الذي يتم منه الإختيار ويمكن حساب الإنحراف عن خصائص المجتمع الفعلي رياضياً. إذا تم إختيار عينة عشوائية من الناس وتم طرح أسئلة عليهم، فسنكون متأكدين بشكل معقول من أن الآراء التي تم التعبير عنها ستكون قريبة من آراء المجتمع بالكامل.

هناك طريقتين أساسيتين لإختيار عينة عشوائية. أحدهما من خلال "التعيين العشوائي البسيط" (SRS). وفي هذه الطريقة يكون لدى الباحث قائمة بالناس الذين يمكن سؤالهم ويقوم بوضع رقم عشوائي لكل فرد. إذا كان الباحث يحتاج ل 1000 شخص في العينة فإنه يختار 1000 رقم عشوائي ويقوم بمسح الأفراد أصحاب هذه الأرقام.

الطريقة الرئيسية الأخرى للإختيار العشوائي هي "التعيين الفاصل". وعند إستخدام هذه الطريقة يكون لدى الباحث قائمة بالناس ويختار كل شخص له ترتيب ن. على سبيل المثال، إذا أردت عينة من خمسمائة طالب في مؤسستك ويوجد 5000 طالب لتختار منهم فعند إستخدام هذه الطريقة ستختار كل شخص عاشر.

في جميع مسوح الرأي العام تقريباً، لا يكون لدى الباحث قائمة بالناس الذين يمكن دمجهم في العينة. على سبيل المثال، لا توجد قائمة بالمصوتين المحتملين لتعيين أرقام عشوائية أو لإختيار كل شخص يأتي في "ترتيب الثلاثة آلاف". عندما لا يكون هناك قائمة فمازال في إمكان الباحثين إختيار عينات عشوائية. في تلك الحالات، يمكن تحديد العينة بإستخدام الإختيار متعدد المراحل. في المسح الشخصي، مثل دراسات الإنتخابات الوطنية الأمريكية أو المسح الإجتماعي العام يتم تقسيم الولايات المتحدة لمساحات متعددة تسمى الوحدات الأولية لتحديد العينة (PSUs). ثم يتم إختيار بعض من هذه الوحدات مع تنسيب إحتمالية الإختيار لعدد السكان في كل وحدة (إذا كان هناك 2 مليون في الأولى و 4 مليون في الثانية فإن إحتمال إختيار الثانية يكون الضعف). ثم يتم تقسيم كل وحدة تم إختيارها إلى مناطق أصغر، مع إختيار بعض منها بنفس الطريقة. ثم يتم تقسيم المساحات الأصغر مرة أخرى فرعياً إلى تجمعات مدنية أو مناطق ريفية. ثم يتم إختيار الناس لإجراء المقابلة من بين تلك التجمعات أو المناطق.

بالنسبة لمسوح الهاتف، يتم تقسيم الدولة حسب أكواد هاتف المنطقة مع إختيار بعضها عشوائياً. وبداخل كل كود منطقة (مثل 555-382-000) يتم إختيار بعض المجموعات أو السلاسل المئوية. وهناك شركات متخصصة في عينات الهاتف حيث تعرف ماهي تلك السلاسل المئوية التي من المرجح أن يكون لديها أرقام هواتف سكنية، بخلاف الأرقام التجارية أو الحكومية). يتم بعد ذلك إختيار أفضل سلاسل مئوية ويتم إضافة رقمين عشوائيين لها. على سبيل المثال، إذا كان 555-382 هو كود هاتف المنطقة وتم إختيار السلسلة المئوية المختارة "62"، فإن الرقمين العشوائيين الأخيرين قد يكونا "43". إذا حدث ذلك، سيكون الرقم النهائي المختار للعينة هو 555-382-6243. يتم إختيار الرقم نفسه وليس أصحاب الرقم. يكون على القائم بالمقابلة بعد ذلك أن يختار أحد البالغين بالمنزل عشوائياً لمقابلته. إذا لم يكن الرقم بالخدمة أو كان رقم تجاري يتم إستبدال الرقم برقم أخر يتم إختياره بنفس الطريقة.

2)   كيف تكون العينات متحيزة

تمثل العينة المجتمع الأوسع فقط إذا كان لكل شخص في المجتمع فرصة متساوية في دمجه بالعينة. إذا لم يتم منح كل شخص في المجتمع فرصة متساوية في أن يتم إختياره بالعينة نقول بأن العينة "متحيزة". المثال الأشهر للعينة المتحيزة هو عينة مجلة الفهم الأدبي لعام 1936 – المثال السيئ الذي ذكرناه سابقاً في هذا الفصل. حيث تم أخذ العينة من أسر لديها سيارات أو هواتف، فلم يكن لمن لا يمتلكون هذه الأشياء فرصة في أن يتم إختيارهم في العينة. وحيث أن عام 1936 كان أثناء الكساد العظيم وتوفرت السيارات والهواتف للأسر الأكثر غنى فقط كانت العينة متحيزة لمصلحة المصوتين الأكثر غنى، الذين من المرجح أن يصوتوا للجمهوريين.

كان مسح المجلة متحيز أيضاً لأن مبحوثي المسح هم من قرروا ما إذا كانوا سيعيدون البطاقات البريدية أم لا. فكان الأكثر إهتماماً بالإختيار هو الأعلى إحتمالاً في الإستجابة. هذا التحيز الذاتي الإختيار كان مشكلة لأن من إختاروا المشاركة يختلفون نوعاً ما عمن إختاروا عدم المشاركة.

هناك طرق أخرى متعددة تجعل العينة متحيزة. إذا أردت على سبيل المثال أن تمسح عينة عشوائية لطلاب كليتك أو جامعتك ولكنك قمت بإختيار عينتك من قائمة من الطلاب مع إستثناء طلاب التحويلات، سيكون لديك عينة متحيزة لأن طلاب التحويلات لا يمكن دمجهم بالعينة. إذا إستخدمت قائمة طلاب مضى عليها عام، ستكون عينتك متحيزة لأنها لا تتضمن الطلاب الجدد أو الطلاب المحولين لكليتك في العام الأخير (وستتضمن الطلاب القدامى الذين تخرجوا في العام الأخير والذين لا ترغبهم في العينة)

في حالة طرق إختيار العينة المتعددة المراحل، ستكون العينة متحيزة إذا تم إستثناء بعض مدن أو مناطق الدولة من عملية الإختيار. وستكون العينة متحيزة أيضاً إذا تم تقدير أعداد السكان بشكل غير صحيح، لذلك فإذا تم تسجيل منطقة بها 20 مليون شخص على أن بها 2 مليون شخص فإن فرصتها في دخول العينة ستكون عُشر مايجب أن تكون عليه. وفي حالة مسوح الهاتف، إذا تم إستثناء بعض أكواد المناطق ستكون العينة الناتجة متحيزة.

في بعض الأحيان يكون تحيز العينة ليس بسبب خطأ الباحث. على سبيل المثال، قد يكون هناك مسح لقاطني ولاية ما، بها 20% من البالغين لديهم درجات جامعية، ولكن 30% من العينة يكون لديهم درجات جامعية. في الحقيقة، يتم أحياناً الإفراط في تمثيل الأشخاص الأكثر تعليماً في المسوح لأنهم يكونون أكثر تعاوناً مع القائمين بالمقابلات. اذا كان هناك عينة تم فيها الإفراط في تمثيل ذوي الدرجات الجامعية بهامش 3-2، يمكن للباحث "وزن" العينة بعد كل مبحوث جامعي على أنه ثلثي مبحوث. بناءاً على ذلك، إذا كان هناك عينة من 500 مبحوث وكان من المفترض وجود 100 جامعي من بين الخمسمائة (أو 20%)، ولكن كان هناك في الواقع 150 جامعي مبحوث فبحساب كل منهم على أنه ثلثي مبحوث فإن عددهم سيكون 100 مبحوث. إذا تم إعطاء وزن الشخص الجامعي يجب أيضاً وزن الشخص غير الجامعي. إذا تم تمثيلهم بالأقل ليكون هناك 350 منهم مع أنهم من المفترض أن يكونوا 400 فإنهم يحصلون على وزن 400/350، فيكون كل منهم محسوباً ك1.143 من المبحوثين. في النهاية، سيكون هناك 500 مبحوث مقيم أو موزون، منهم 100 من الجامعيين و 400 من غير الجامعيين.

أحياناً ينشئ الباحثون عينات غير متناسبة عن عمد. قد يقوم الباحث بعمل ذلك لدراسة مجموعة أقلية في المجتمع. على سبيل المثال، لو أراد الباحث مقارنة آراء الأمريكيين الأفارقة والبيض في ولاية ما ويشكل السود 10% من سكان الولاية. سيكون من المجدي مقابلة 1000 مبحوث للحصول على عينة من 100 من السود فقط حيث تكون المقارانات بين السود والبيض صعبة للغاية. وسيكون من المجدي بشكل أكبر مقابلة 500 من المبحوثين السود و 500 من المبحوثين البيض. ولكن لو أراد الباحث الجمع بين المبحوثين ال 500 السود و ال 500 البيض لدراسة المجتمع ككل فإن العينة المجمعة ستكون متحيزة لمصلحة السود. عندئذ يمكن للباحث وزن البيانات حيث يتم إعطاء المبحوثين السود أوزان 100/500، أو 20، ويتم إعطاء البيض أوزان 900/500 أو 1.8.

معظم برامج الإحصاء بما في ذلك SPSS بها أوامر سهلة الإستخدام لوزن البيانات. وسنتناول في العديد من فصول هذا الكتاب اللاحقة بيانات الإنتخابات الوطنية الأمريكية والمسح الإجتماعي العام حيث يتم في هذه المسوح إعطاء وزن للمبحوثين للتعامل مع وتصحيح التحيزات في العينات.

ح. الأسئلة

بعد إختيار الباحثين لعينة البشر يجب عليهم طرح الأسئلة. وبعض الأسئلة مثل العمر و التعليم سهلة الطرح، ويمكن للقائمين بالمقابلة إستخدام الشكل القياسي للسؤال. على سبيل المثال، سؤال الهوية الحزبية أصبح يسأل عيارياً بهذه الطريقة: "هل تعتبر نفسك عادة جمهوري ، ديمقراطي، مستقل أم ماذا؟"

1)   كيف يكون السؤال متحيز أو مضلل:

برغم وجود بعض الأشكال القياسية للسؤال، إلا أن تجنب التحيز عند طرح الأسئلة ليس بهذه السهولة. هناك العديد من الطرق لكتابة سؤال متحيز. قد يكون السؤال متحيز لأنه يصور جانب واحد من الموضوع بشكل أكثر تفضيلاً أو إيجابية. على سبيل المثال، أرسل عضو جمهوري بالكونجرس إستبيان لناخبيه تضمن السؤال التالي "هل يجب الإسراع في التخفيضات الضريبية المرحلية التي تم تمريرها عام 2001 من أجل تحفيز الإقتصاد؟" حيث تم إظهار خيار تسريع التخفيضات الضريبية على أنه أكثر إيجابية عن خيار عدم الإسراع فيها – حيث تم تقديم سبب للإسراع بها ولكن لم يتم تقديم سبب لعدم الإسراع بها. وقد تكون الأسئلة أكثر تحيزاً عند إستخدام كلمات عاطفية. على سبيل المثال، سؤال "هل تفضل قتل الأطفال الذين لم يولدوا بعد؟" ليس من المرجح أن يكشف عن آراء مؤيدة للإجهاض لأي شخص.

الطريقة الأخرى التي تجعل السؤال متحيزاً تتمثل في ربط أحد الإجابات المحتملة برمز للسلطة. طرح نفس عضو الكونجرس السؤال التالي "هل تؤيد جهود الرئيس لنزع سلاح العراق؟" (عضو الكونجرس جيم سينسينبرينر، أخبار من الكونجرس، إبريل 2003). من المحتمل أن يكشف هذا السؤال عما إذا كان المبحوثون يحبون الرئيس بوش وليس ما إذا كانت سياسته تجاه العراق جيدة.

أحياناً إذا كان السؤال صعب الفهم، قد تكون نتائج المسح غير دقيقة. على سبيل المثال، في عام 1992، تم إجراء إستطلاع رأي لمعرفة ما إذا كان الناس يعتقدون أن المحرقة النازية قد حدثت بالفعل. وكانت هناك مخاوف من محاولة بعض الأفراد الذين أنكروا وجود المحرقة لإقناع العامة بأن هتلر لم يحاول إبادة اليهود. كان السؤال المطروح لمعرفة ما إذا كان الناس مقتنعين بحدوث المحرقة هو " هل يبدو من الممكن أم يبدو من المستحيل بالنسبة لك عدم حدوث إبادة لليهود من قبل النازي؟". وقلق الناس من أن 22% من مبحوثي المسح قالوا أنه من الممكن عدم حدوث المحرقة، و 12% قالوا لا نعرف. بالطبع، كانت المشكلة الحقيقية في السؤال. فقد كان على المبحوث أن يقول "مستحيل" ليعني أنها حدثت. تم طرح السؤال لاحقاً بصياغة مختلفة "هل يبدو من الممكن بالنسبة لك عدم حدوث إبادة لليهود من قبل النازي، أم هل أنت متأكد من حدوثها؟" وبهذه الصياغة قال 91% من المبحوثين أن المحرقة قد حدثت (أحصل على الإقتباس).

أحياناً تكون صياغة السؤال جيدة ولكن إذا كان المبحوثون غير مؤهلين للإجابة تكون النتائج ليس لها معنى. خذ السؤال التالي: "مع التغيرات الأخيرة في الحكومة الصينية، يتساءل الناس من هو الأقوى. أي من هؤلاء الرجال يمكنك أن تقول أن لديه السلطة الأكبر، جيانج زيمنن، هو جينتاو، أم لي روي هوان؟" هذا سؤال مقبول، ولكن ليس للشعب الأمريكي لأن قليل جداً من الأمريكيين من يعرفون أي شيئ عن هؤلاء الرجال.

أحياناً، لا تكون كيفية صياغة السؤال واضحة. في عام 1987 تم إجراء إستطلاع رأي لجالوب لعدد 4244 من الأمريكيين البالغين لمعرفة آرائهم بشأن السياسات الأمريكية. سأل أحد الأسئلة عما يشغل كل مبحوث بالنسبة لنتيجة إنتخابات 1988. تم طرح السؤال بطريقتين مختلفتين، لكل نصف من المبحوثين. وما يلي صياغات السؤال والنتائج:

صياغات السؤال المختلفة

الشكل الأول: "بصفة عامة، هل يمكنك أن تقول أنك تهتم شخصياً بالحزب الذي يفوز بالإنتخابات الرئاسية لعام 1988 أم أنك لا تهتم كثيراً بمن يفوز؟"

أهتم بشدة

54%

لا أهتم كثيراً

40%

لا أعرف

6%

الشكل الثاني: "بصفة عامة، هل يمكنك القول بأنك تهتم شخصياً بمن يفوز بالإنتخابات الرئاسية لعام 1988 أم أنك لا تهتم بشدة بالحزب الفائز؟"

أهتم بشدة

76%

لا أهتم كثيراً

20%

لا أعرف

4%

المصدر: أورنشتاين وأخرون (1988)

إذاً، بعد قراءة نتائج هذين السؤالين، كم من الأمريكيين إهتم بشدة بنتائج إنتخابات 1988؟ الإجابة 54% أو 76% أو أحياناً بينهما. نحن لا نعرف أقرب من هذا. صياغتي السؤال هاتين صحيحتين، ولكنهما تقدمان لنا إجابات مختلفة للغاية. نحن ليس لدينا حل لهذه المشكلة. أهلاً بكم في عالم بحوث المسح!. فالحقيقة تفصح عن نفسها بدرجات.

د. أخطاء العينة و الأخطاء الأخرى

الشيئ الأول المفروض تفهمه في أخطاء العينة هو أنه لا يوجد خطأ – أي أنه لا يوجد خطأ. الخطأ في العينة هو ببساطة الإنحراف الإحصائي الذي ستنتجه نتائج مسح العينة. الفكرة وراء أخطاء العينة أننا لو قلنا مثلاً أننا أخذنا عينة من 400 أمريكي ووجدنا أن 54.5% منهم يوافقون على آداء الرئيس فإننا لن نؤكد على أن 54.5% من جميع الأمريكيين على وجه التحديد يوافقون على الرئيس. سندرك أن النسبة الحقيقية بالنسبة للمجتمع بالكامل قد تكون 54.7% أو 52.1% أو 55.9%. جميع تلك النسب تقترب بشكل مقبول من 54.5% التي حصلنا عليها. إذا قمنا بالمسح بشكل صحيح، لا نتوقع أن نحصل على النسبة الصحيحة تماماً ولكن نتوقع أن نكون قريبين من ذلك.

خطأ العينة يخبرنا فقط عن درجة إقترابنا من النسبة الفعلية في الواقع، مع إحتمال دقة معين. أحياناً، يشير الناس لخطأ العينة بقولهم "نسبة أعلى أو أقل". عادة يستخدم المحللون ال 95% درجة ثقة. ويقولون أن النسبة دقيقة زائد أو ناقص س% في 95% من الوقت. على سبيل المثال، إذا وجد المسح أن 54.5% من المبحوثين يوافقون على آداء الرئيس لمهمته، سيقول المحلل أن النسبة الحقيقية كانت 54.5% زائد أو ناقص 5% عند درجة ثقة 95%. ذلك يعني وجود إحتمال 95% أن النسبة الحقيقية هي بين 49.5% و 59.5%. لو أردنا أن نكون أكثر دقة، يمكن أن نقابل المزيد من الناس. لو قمنا بمقابلة 1100 شخص سنكون +/- 3% بدلاً من +/- 5%. الجدول التالي يبين تزايد الدقة الذي يأتي مع كل حجم عينة. بشكل أساسي، كلما زادت المقابلات كلما كان ذلك أفضل ولكن العيب الأساسي في زيادة المقابلات هو زيادة التكلفة.

حساب خطأ العينة

حجم العينة

+/- "الخطأ"

50

14

100

10

200

7

300

6

400

5

500

5

600

4

700

4

800

3.5

900

3.5

1000

3.1

1100

3

...

 

2400

2

...

 

9600

1

ستلاحظ أنه في العينات ضئيلة الحجم، يكون معدل الخطأ مرتفعاً للغاية. إذا قال 52% من المبحوثين في عينة تتكون من 50 مبحوث أنهم سيصوتون للجمهوريين، فإننا نكون متأكدين بنسبة 95% من أن النسبة الفعلية في المجتمع والتي تنوي التصويت للجمهوريين هي 52% +/- 14% أو بين 38% و 66%. وهذا أمر غير مستغرب!. فربما نكون قد عرفنا ذلك قبل أن نجري المسح. العينات الضئيلة غير مفيدة.

ربما تلاحظ أيضاً أنه مع وجود 400 من المبحوثين يكون هامش الخطأ +/- 5 في المائة. ولذلك فإن العينة التي تتكون من 400 شائعة في المسوح التجارية. بصفة عامة، تشمل المسوح الأكاديمية مثل المسح الإجتماعي العام و الإنتخابات الوطنية الأمريكية 1500-2500 مبحوث. عند هذه النقطة تصبح التكلفة الإضافية لمقابلة المزيد من المبحوثين عالية جداً. تزيد التكلفة الإضافية بزيادة المبحوثين. لاحظ سهولة تخفيض هامش الخطأ في البداية ولكن كيف يصبح الأمر أكثر صعوبة. لكي يتم تخفيض هامش الخطأ من 14 في المائة إلى 5 في المائة نحتاج لإضافة 350 مبحوث فقط. ولكن لتقليله من 5 في المائة إلى 1 في المائة نحتاج لإضافة 9200 مبحوث.

ولكن خطأ العينة ليس مصدر الخطأ الوحيد في المسوح. مسح مجلة الفهم الأدبي لعام 1936 الذي ذكرناه سابقاً يبين بعض الأخطاء الشائعة. أولاً، إرتكبت المجلة خطأ تحديد المجتمع. أي أن المجلة حددت مجتمع المصوتين على أنه الأسر التي تمتلك سيارات وهواتف. في الحقيقة، لم يكن لدى العديد من الناس وخصوصاً الفقراء والطبقة المتوسطة الدنيا سيارات أو هواتف. ثانياً، إرتكبت المجلة خطأ في الإختيار لأن المبحوثين الفعليين لم يتم إختيارهم عشوائياً، ولكن أعاد البطاقات البريدية المهتمين بالأمر فقط. في أي مسح هاتف، يتم إستثناء من ليس لديهم هواتف لذلك فإن مسوح الهاتف بها خطأ إختيار جذري. ولكن، حيث أن 90% من الأمريكيين لديهم هواتف ولأن الأنواع الأخرى من المسوح مرتفعة التكلفة تعلم الباحثون تقبل هذا الإستثناء للمنازل التي لا يوجد بها هاتف. الطريقة الأخرى لتفسير مشكلة خطأ الإختيار تتمثل في خطأ عدم الإستجابة. ذلك يعني ببساطة أن الناس الذين لم يستجيبوا مختلفين عمن يستجيبون. إذا كان غير المستجيبين مماثلين لمن يستجيبون، فإن عدم الإستجابة لن تكون مهمة لأن المستجيبين سيكونون تمثيل جيد لجميع الناس في المجتمع.

هناك خطئين أخرين لم يحدثا في مسح مجلة الفهم الأدبي ولكن يمكن أن يحدثا، وهما تحيز القائم بالمقابلة وأخطاء التشغيل. يحدث خطأ القائم بالمقابلة عندما لا يسأل القائمين بالمقابلة الأسئلة بشكل سليم أو يقترحون الإجابات بشكل غير سليم. على سبيل المثال، قد لا يحب القائم بالمقابلة الرئيس الحالي وقد يجعل المستجيب يقيم سلوك الرئيس بشكل غير مرضي. تحدث أخطاء التشغيل عندما لا يتم تسجيل الإجابات بشكل سليم والمثال على ذلك سيكون لو قيم المبحوث سلوك الرئيس على أنه "جيد" ولكن قام القائم بالمقابلة بتسجيله على أنه "ممتاز". في بحث مجلة الفهم الأدبي لم يكن هناك قائمين بالمقابلة وبينما قد يكون هناك أخطاء تشغيل إلا أنها غير مسئولة عن عدم الدقة الشديد في تنبؤ المسح.

الخطأ الأخر الممكن حدوثه هو خطأ الأداة. يحدث هذا النوع من الخطأ عندما يكون السؤال متحيز أو لم يتم طرحه بطريقة صحيحة. إذا كان السؤال يقود المبحوث للإجابة بطريقة ما، فهو متحيز ولا يقدم نتائج دقيقة للباحث. لقد قمنا بعرض بعض الأمثلة فيما سبق. إلى حد ما، بعض أخطاء الأداة لا يمكن تجنبها عند السؤال عن شيئ بخلاف التركيبة السكانية والموضوعات المفهومة بدقة مثل التصويت. لا يوجد طريقة صحيحة واحدة للسؤال عن رأي شخص ما فيما يتعلق بالعرق، الإجهاض، الضرائب أو أي من الموضوعات المهمة الأخرى. هناك عدة طرق، جميعها جيد للسؤال عن الموضوعات المهمة. كما رأينا، يمكن للصياغات المختلفة بشدة للسؤال أن تنتج إجابات مختلفة بشدة.

هـ. مزايا وعيوب البحث المسحي

1)   المزايا

البحث المسحي هو الطريقة المستخدمة غالباً لمعرفة آراء الناس السياسية. وهو أيضاً الطريقة البحثية التي سنستخدمها كثيراً في هذا الكتاب. الميزة الأوضح لهذه الطريقة هو أنه مع الإختيار العشوائي الدقيق للعينة يمكن تعميم نتائج البحث المسحي على المجتمع بالكامل. لو أن 55% من ال 400 مبحوث في المسح يقولون بأنهم يوافقون على برنامج لتحسين التعليم العام، فيمكن للباحث أن يكون متأكد بشكل معقول أن حوالي 50% - 60% من جميع البالغين في مجتمع الولايات المتحدة يوافقون على البرنامج. القوة الأساسية للبحث المسحي هي أنه يمكن الباحث من "تعميم" النتائج على المجتمع بالكامل. ببساطة لا توجد طريقة أخرى لمعرفة ما يعتقده مجتمع واسع مثل مجتمع جمهور الناخبين الأمريكي.

يمكن للمسوح إذا إستخدمت بطريقة صحيحة أن تصف المجتمع أو تتنبأ بالسلوك بدقة شديدة. يشمل جزء كبير من عمل مكتب التعداد الأمريكي أخذ عينات من الناس والأرقام الناتجة عن تلك العينات موثوقة بشدة. معدلات البطالة ومعدلات التضخم على سبيل المثال تنتج عن مسوح عينة. في الإنتخابات، هناك العديد من إستطلاعات الرأي تتنبأ بنتيجة التصويت بدقة شديدة. هناك بعض قصص الرعب التي تتحدث عن تنبؤات سيئة للغاية، ولكن القائمين بالإستفتاءات المشهورين يتنبأون بنتائج الإنتخابات بشكل منتظم في إطار نسبة ثلاثة أو أربعة مئوية.

الميزة الأخرى المهمة للبحث المسحي هي أنه سريع ويمكن أن يكون غير مرتفع التكلفة نسبياً. فبمبلغ يقل عن 20000 دولار يمكن للمرأ أن يعرف على وجه التقريب ما يعتقده الشعب الأمريكي في موضوع معين – ويمكن فعل ذلك في أيام قليلة.

2)   العيوب

للبحث المسحي عيوبه وإنتقاداته. ينتقد تايكو لي في كتابه حشد الرأي العام ما يسميه "المكانة السيادية لبيانات المسح" (2002). حيث يقول أن نتائج إستطلاعات الرأي كمؤشر للرأي العام أصبحت مختلطة مع الرأي العام نفسه. ويستشهد بقول سوزان هيربست:

"هذه الأيام نميل للإعتقاد بأن الرأي العام هو تجميع لآراء الأفراد كما يقيسها مسح العينة ... لقد أصبح هذا التعريف مسيطراً، عندما يفكر معظمنا في معنى الرأي العام، لا يسعنا سوى التفكير في إستطلاعات الرأي أو المسوح (2002، 73) (مقتبس أيضاً من هيربست 1995، 90).

الإنتقادات الأكثر شيوعاً للبحث المسحي تتعلق بسطحيته، قصر الوقت الممنوح للمبحوثين للتفكير في الأسئلة، نقص المعلومات المتوفرة لدى المبحوثين عند الإجابة على الأسئلة، فردية الإستجابات، ومشكلات تفعيل المفاهيم.

أ‌)       السطحية: المشكلة الكبرى في المسح البحثي هي سطحيته. فبينما يمكن للباحث معرفة الشعور التقريبي لشخص ما بشأن موضوع معين، لا يمكن للباحث معرفة درجة تعقيد أو بساطة رأي الشخص. على سبيل المثال، إذا قيم المبحوث سلوك الرئيس على أنه "جيد" وليس "ممتاز"، "مقبول" أو "ضعيف" فسبب منح هذا الشخص لهذا التقييم غير واضح. فربما يعتقد الشخص أن الرئيس "ممتاز" في موضوع الإجهاض وضعيف في موضوع الضرائب وجيد في العلاقات الخارجية أو ربما يعتقد الشخص أن الرئيس "جيد" بالمقارنة بتوقع الشخص بأنه سيكون سيئ للغاية. بينما من الممكن السؤال عن كل نطاق موضوع على حدة، إلا أنه من النادر أن يسأل الباحثون عما يتجاوز الموضوعات "المحلية" أو "الأجنبية". حتى لو سأل إستبيان معين شخص عن تقييمه لبرنامج الرئيس بشأن التعليم مثلاً فإنه لا يمكنه الوصول لدرجة تعقيد عملية تفكير الشخص.

ب‌) عدم وجود وقت للتفكير: المشكلة الأخرى للبحث المسحي أن القائمين بالمقابلة يسجلون ما يقوله المبحوثون في الهاتف مع إتاحة ثواني قليلة لكل سؤال. وتكون المقابلة في الغالب مفاجئة للمبحوثين فلا يكون لديهم وقت للإستعداد. (من النادر أن يتم تنبيه المبحوثين مسبقاً لأنهم سيجري مسحهم ويرجع ذلك جزئياً لأن الباحث لا يعرف عادة من سيتم مسحه أو دراسته مسبقاً).

ت‌) نقص معلومات المبحوثين: في الغالب لا يعرف المبحوثون خلفية أو سياق العديد من أسئلة الرأي. نادراً مايقدم القائمون بالمقابلة أكثر من جملة أو جملتين، إن وجدت، عن معلومات الخلفية. لا يمكن للباحث معرفة السياق الذي يستخدمه المبحوثون عند الإجابة على الأسئلة؟. على سبيل المثال، هل يفهم كل مبحوث البدائل؟ هل يعرف المبحوث تداعيات كل إجابة؟ هل يعرف المبحوث عندما يتم سؤاله عن برنامج مقترح ماهي تكلفة كل مكون في البرنامج؟ هل كانت المبحوثة ستجيب نفس الإجابة لو عرفت مدى زيادة ضرائبها لو تم تحويل بديلها "المفضل" إلى قانون؟. قام روبرت ويسبرج بمسح يتعلق ببرامج جديدة مقترحة ووجد أن مبحوثين أقل فضلوا برامج معينة عندما تم إخبارهم بتكلفتها.

حتى عندما تكون الموضوعات أو القضايا معروفة ومفهومة ومطروحة للنقاش بشكل واسع فمن الصعب التأكد مما يعتقده الناس بصددها. خذ موضوع العمل الإيجابي في جامعة ميتشجان كمثال. تم مناقشة هذا الموضوع بكثرة عام 2003 وخصوصاً منذ أن تحدث الرئيس بوش ضد ممارسة الجامعة للعمل الإيجابي. ولكن كيف يمكن للمرأ قياس رأي الناس حول هذه القضية المحددة؟ هل يتم قياس الآراء بشأن العمل الإيجابي بالنسبة أعضاء الأقليات العرقية؟ ماذا عن العمل الإيجابي بالنسبة للطلاب ذوي الخلفيات الإقتصادية الفقيرة، أوالرياضيين ذوي المنح الدراسية، أو في الرجال الذين يخططون للتخصص في التمريض؟ هل يجب قياس الفرق في الآراء حول العمل الإيجابي عندما تستخدم كحصص مقارنة بحالة عدم إستخدام الحصص؟ هل يجب على المرأ التمييز بين برامج العمل الإيجابي التي تستخدم "نقاط الإعانة" كما فعل أحد برامج ميتشجان عن البرامج التي لا تستخدم "نقاط الإعانة" كما فعل برنامج أخر لميتشجان؟ ماهو عدد نقاط الإعانة المناسب، هل 10 نقاط من 150 جيدة أم أن 20 ستكون مقبولة؟ هل يجب أن تكون نقاط الإعانة تراكمية؟ إذا كان المتقدم رياضي أسود فقير حاصل على منحة دراسية فهل يكون من حقه ثلاثة إعتبارات عمل إيجابي؟

كل تلك الأسئلة شرعية يمكن للمرأ أن يسألها عندما يحاول قياس الرأي العام بشأن موضوع معين في جامعة واحدة محددة. نحن لم نتناول العمل الإيجابي في مجالات مثل التجارة أو لأغراض أخرى مثل المرتبات و الترقية. موضوع العمل الإيجابي برمته أكثر تعقيداً عما شرحناه هنا. العديد من الموضوعات، وفي الواقع جميع الموضوعات المثيرة معقدة للغاية. لم يتضح بعد بشكل تام كيف يمكن للمرأ أن يقيس الرأي العام في تلك الموضوعات.

د) فردية الإستجابات: في جميع مسوح العينة، يتكلم القائمون بالمقابلة مع كل مبحوث بشكل فردي كل على حدة. هذا أمر جيد نوعاً ما حتى لا يمكن لمبحوث ما أن يؤثر على إجابة مبحوث أخر. ولكن في عالم السياسة يؤثر الناس على آراء بعضهم البعض. نحن لا نعرف ما إذا كان المبحوثون سيجيبون بنفس الطريقة لو تم منحهم بعض الوقت للتفكير في أو مناقشة برنامج الرئيس مع الأصدقاء. منتقدو البحث المسحي قالوا أن محاولة قياس الرأي العام عن طريق سؤال الناس عن آرائهم لا يقيس حقيقة الرأي العام ولكنه فقط يحصر أو يعد "مجموعات الأفراد المنفصلين" (هيربست). ويقولون أن الرأي لا يكون عاماً في الحقيقة إلا إذا توفرت للناس فرص لمناقشة آرائهم مع الأخرين. عندما يتكلم الناس فيما بينهم ويقرأون ويسمعون الأخرين يناقشون آرائهم، فمن الأرجح أن يصبحوا أكثر معرفة. فسر روبرت لاين كيف يمكن للناس تنقيح آرائهم بمناقشتها مع الأصدقاء و المعارف في العمل.

"الصياح والمزاح والنكات التي يأخذها الجمهوريون عن الديمقراطيين والعكس – تلك الخبرات تقرب رأي "المخرج" إلى المعايير الجماعية، ولكن بينما هي تحدث تجانس بين الآراء، ربما أيضاً تهذبها في ثقافة العمل الأمريكية" (لاين، الفكر السياسي ص 241).

هـ. مشكلات تفعيل المفاهيم: البحث المسحي يقرب – أو يستدل على أو يخمن – الرأي العام، وتتوقف دقته بشدة على الرأي المعين الذي يقيسه. بالنسبة للآراء المفهومة جيداً من قبل العامة والسهلة في تفعيلها، يمكن لهذا البحث أن يكون دقيقاً للغاية. المثال الأفضل للبحث المسحي الدقيق هو أستطلاعات الرأي الإنتخابية، فالجميع يعرف ماهي الإنتخابات ومعنى التصويت لمرشح ما. المثال الأخر هو السؤال السكاني. إذا ذكرت مبحوثة أن عمرها 23 سنة فنحن لا نحتاج لتخمين معنى "23". بالنسبة لمعلومات مثل هذه، تشكل المسوح  مصادر ممتازة للمعلومات.

ولكن عندما تكون الأسئلة أكثر تجريداً تصبح المقاربات أقل دقة – وتصبح الإستدلالات أقل مباشرة وإقناعاً. هنا، نحن لا نعني "الإستنتاج" بمعنى "الإحصاء الإستنتاجي" والذي فيه يستنتج المرأ خصائص مجتمع ما من قيمة عينة. ولكننا نعني أننا نستنتج معنى إجابة ما "في الواقع" من الإجابة المحددة التي قدمها المبحوث.

خذ على سبيل المثال السؤال القياسي في مسوح دراسات الإنتخابات الوطنية عن تحمل الحكومة للمسئولية عن توفير الوظائف ومستوى المعيشة الجيد للجميع. يطلب السؤال من كل مبحوث تحديد موقفه من "1" إلى "7" حول هذا الموضوع، حيث "1" تعني أن المبحوث يعتقد أن الحكومة مسئولة، و "7" تعني أن الحكومة غير مسئولة. تم إستخدام هذا السؤال في دراسات الإنتخابات الوطنية للعديد من السنوات. الصياغة الدقيقة لعام 2000 كانت:

"يشعر البعض أن الحكومة في واشنطن يجب أن تسعى لأن يكون لكل شخص وظيفة ومستوى معيشة جيد. إفترض أن هؤلاء عند أحد نهايتي التدريج عند النقطة 1. يعتقد أخرون أن على الحكومة أن تترك كل شخص يتقدم بمفرده. إفترض أن هؤلاء عند النهاية الأخرى عند النقطة 7. وبالطبع، لدى أناس أخرين آراء بين هؤلاء وهؤلاء عند النقاط 2، 3، 4، 5 أو 6. أين ستضع نفسك على هذا التدريج أم أنك لم تفكر في ذلك كثيراً من قبل؟

في دراسات الإنتخابات الوطنية لعام 2000 وضع 88 من المبحوثين من بين 1807 مبحوث الذين تم طرح السؤال عليهم عند النقطة "2". نحن نعتقد أنه من الأسلم أن نفترض أنه لا يوجد من بين هؤلاء ال 88 من يظن أن لديه رأي الخيار "2" في هذا الموضوع  قبل أن يظهر لهم القائم بالمقابلة التدريج "1 إلى 7". "2" هو مجرد طريقة مناسبة لتصنيف هؤلاء ال 88 شخص بأنهم لهم مواقف ليبرالية بشأن هذا الموضوع. نحن لا نعتقد أن ذلك أسلوب سيئ لتصنيف آراء الناس. في الواقع، نحن نعتقد أن ذلك أسلوب جيد للغاية فهذا السؤال مفيد للغاية لتصنيف الآراء الخاصة بالشعب الأمريكي، ونحن نستخدم هذا السؤال عدة مرات في هذا الكتاب.

ولكننا نخمن آراء هؤلاء ال 88 شخص فنحن لا نعرف مايعتقدونه بشأن مسئولية الحكومة في واشنطن عن التأكد من حصول كل شخص على وظيفة ومستوى جيد للمعيشة.

معظم الباحثين الذين يحاولون التكهن بالرأي العام يدركون الصعوبات التي ينطوي عليها ذلك. إنهم يكتبون الأسئلة التي تحاول اكتشاف آراء الناس، ويدركون أنه لايوجد سؤال يصل لكل شيء، وأنه لا توجد صياغة مثالية. الباحثون يعرفون أنه لا يوجد سؤال واحد سيصل للرأي "الحقيقي" للشخص على وجه التحديد. لذلك يعيدون كتابة الأسئلة للوصول إلى نفس الرأي بطريقة مختلفة قليلاً. انهم يدركون أنهم لن يصلوا لآراء الناس بدقة تامة أبداً.

إحدى طرق تفادي المشكلة المتعلقة بالبحث المسحي هو إكماله بأنواع أخرى من البحث. سنناقش الأن بعض أنواع البحوث الأخرى. أولاً سنتناول أنواع أخرى من البحوث الكمية ثم البحوث النوعية.

مربع 2.1 ماهو معنى إجابات المسح

2.   طرق كمية أخرى

هناك طريقتين كميتين أخريتين هما التجارب و تحليل البريد تكشفان عن أنواع مختلفة من المعلومات عما تفعله الدراسات المسحية. تسمح هذه الطرق للباحثين بطرح أنواع مختلفة من الأسئلة عن ما قد يكون مناسب في المسوح. المشكلة الرئيسية في هذه الطرق هي أنها، في الغالب، غير قابلة للتعميم، كما في المسوح. لا نستطيع أن نقول، على سبيل المثال، إذا س% من الرعية (وهي تسمية المشاركين في التجربة) في تجربة ما قد أجابت بطريقة معينة في قضية تتعلق بالتمييز العنصري فإن س% أو أي نسبة أخرى من جميع البالغين ستجيب بنفس الطريقة في نفس الظروف.  تكون أحجام العينة عادة صغيرة جداً ولا يتم إختيار المشاركين في الدراسة عشوائيا من المجتمع الجاري دراسته بالكامل لكي يتم تعميم نتائج الدراسة.

أ‌.       التجارب

وقد أسفرت التجارب في بحوث الرأي العام عن بعض النتائج المثيرة للإهتمام والمفيدة. معظم، ولكن ليس كل، التجارب أجريت في المعامل. في كتابه الإقناع والسياسة، يصف مايكل أ. ملبورن العديد من التجارب المعملية ذات الصلة بالرأي العام. في واحدة من تلك التجارب، (ص. 78-79) وصف تجربة تمت عام 1986 من قبل لودج وهاميل تم فيها تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات بناء على إجاباتهم من مسح الإنتخابات الوطنية الأمريكية بشأن الإهتمام بالأحزاب السياسية والإنتخابات والمعرفة بها. ثم جعل القائمون بالتجربة المشاركين في الدراسة يقرأون سيرة وهمية "لعضو الكونجرس وليامز" جنباً إلى جنب مع بعض التصريحات التي نسبت إليه. وكانت البيانات إما متناسقة أو تتعارض مع تسمية حزب وليامز. على سبيل المثال، كان هناك بيان متسق إعتبر ويليامز جمهوري يعارض برامج الحكومة لخلق فرص عمل بينما يوجد بيان غير متسق بأنه جمهوري يفضل هذه البرامج. ثم تم تكليف المبحوثين بمهمة لا علاقة لها بالموضوع لتشتيتهم عن التجربة. ثم قدم لودج وهاميل اختبار للمبحوثين يقيس تذكرهم للبيانات السياسية. ليس من المستغرب أن المشاركين في الدراسة الأكثر اهتماما ودراية (الثلث العلوي) تذكروا معلومات أكثر عن الاختبار من المشاركين الأقل تطوراً (الثلث الأسفل). لقد كان لديهم قاعدة من المعرفة وإطار مفاهيمي يساعدهم على فهم المعلومات عن "عضوالكونجرس وليامز." ومع ذلك، كان الثلث الأعلى أقل دقة قليلاً في استرجاع المعلومات غير المتناسقة. وتذكروا في الواقع معلومات أكثر اتساقا مما كان موجوداً. إطارهم المفاهيمي للديمقراطيين = الليبراليين والجمهوريين = المحافظين جعلهم  "يصححون" مواقف غير متناسقة للموضوع.

أشار ملبورن أيضاً إلى دراسة حول نظرية المساواة بين الجنسين والإتساق الفكري (ص ص 103-104). حيث قام شيرمان وجوركين (1980) بسؤال المبحوثين لتحديد الإتجاهات المؤيدة للمساواة بين الجنسين ثم تم مطالبتهم بتفسير لغز معين:

أب وإبنه يقودان السيارة بالخارج. حدث لهم حادث. مات الأب والإبن في حالة حرجة. تم نقل الإبن على الفور للمستشفى وتم تجهيزه للعملية. يدخل الطبيب، يرى المريض، ويهتف "لا يمكنني إجراء العملية، إنه إبني!"

بعد هذا اللغز، تم مطالبة المبحوثين بالإجابة على حالة فرضية عن إمرأة تم رفض عملها بالتدريس في الجامعة بسبب جنسها. وجد شيرمان و جوركين أن المبحوثين الذين لديهم إتجاهات قوية مؤيدة للمساواة بين الجنسين الذين فشلوا في حل اللغز زادوا من دعمهم للعمل الإيجابي. وخلصا إلى:

عندما يتم يتحدى جزء مهم من الصورة الذاتية للمرأ من خلال سلوك المرأ نفسه، ولا يمكن إنكار هذا السلوك أو تجاهله، فإن الرغبة في إعادة تكوين هذه الصورة الذاتية المهمة تؤدي إلى تبني سلوك متشدد لمواجهة أو إبطال أثر السلوك المهدد" (ص 397 في الأصل).

أحياناً يتم إجراء التجارب مع البحث المسحي بدلاً من إجرائها في المعمل. تلك الدراسات على النقيض من تجارب المعمل قابلة للتعميم إحصائياً على المجتمع بالكامل إذا تم إختيار مبحوثي المسح عشوائياً. في مقال عام 1991. وصف بول شنيدرمان وأخرون تجربة بحث مسحي قاموا بها لإختبار أطروحة "العنصرية الجديدة". تقول الأطروحة بأن البيض يخفون تحيزهم بتقديم إجابات مقبولة إجتماعياً تتعلق بآرائهم العنصرية تجاه الأمريكيين الأفارقة. طبقاً للأطروحة، "لن يقولوا بأنهم ضد السود الذين يحصلون على مساعدة من الحكومة لأنهم سود ولكنهم بدلاً من ذلك سيقولون أنهم ضدهم لأن السود لا يقومون بمجهود كبير لحل مشكلاتهم الخاصة- المجهود الذي يجب على الجميع القيام به". لإختبار هذه الأطروحة، قام المؤلفون بمسح 1113 من البالغين البيض في منطقة خليج سان فرانسيسكو. في البحث، تم سؤال المبحوثين عن قدر المساعدة التي يجب على الحكومة منحها للعامل الذي تم تسريحه. تم سؤال المبحوثين عن شخص له خمسة خصائص. كان العامل الذي تم تسريحه:

·       أبيض أم أسود

·       ذكر أم أنثى

·       في أوائل العشرينيات، منتصف الثلاثينيات، أو أوائل الأربعينيات

·       أعزب، أحد الأبوين بمفرده، متزوج، أو متزوج ويعول

·       عامل يعمل لدى أخرين أم لا يعمل لدى أخرين

تم مقابلة هذه الصفات الخمسة عشوائياً حتى لا يصبح إحتمال كون البيض ذكور أو إناث أو يعملون لدى أخرين أو مستقلين أعلى من السود – أو لهم أي صفات أخرى. نتيجة لذلك، كان هناك عدد من العاملات الإناث البيض الشابات غير المتزوجات اللاتي يعملن لدى أخرين مثل أي مجموعة أو تركيبة أخرى محتملة. لم يتم إخبار مبحوثي المسح أنهم يجري إستقصائهم بصفة أساسية بشأن العرق. إذا كانت أطروحة "العنصرية الجديدة" دقيقة، سيفضل العديد من البيض مساعدة الحكومة للعمال البيض المفصولين وليس نظرائهم السود. إفترض المؤلفون أن المحافظون على وجه الخصوص سيظهرون على الأرجح "العنصرية الجديدة".

ولكن بعد إستكمال المسح، لم يجد المؤلفون أي من هذا. لم يظهر زيادة في إحتمال إستنكار البيض بصفة عامة لمساعدة الحكومة للسود عن البيض بل في الحقيقة كان المحافظون أكثر تفضيلاً لمساعدة الحكومة للسود عن البيض. خلص شنيدرمان وأخرون إلى أن نتائج المسح لم تدعم أطروحة "العنصرية الجديدة".

ب‌. تحليل البريد

في حشد الرأي العام، يقدم تايكو لي حجة مقنعة بأن الرأي العام يمكن قراءته من خلال قراءة الخطابات التي تم كتابتها للسياسيين. لقد قام بدراسة الخطابات التي كتبها الأفراد إلى رؤساء أمريكا من 1948 إلى 1965 حول الموضوعات العنصرية. وهو يبين كيف أن دراسة الخطابات تعكس التغيير في التصورات العامة حول العرق خلال تلك السبعة عشر عام. طبقاً للي، مشكلة إستخدام بيانات المسح لدراسة التغير الأساسي أن كاتبي الإستبيان غالباً ما يكونون متخلفين زمنياً فلا يمكنهم ولا يجب أن نتوقع منهم أن يتوقعوا التغيرات الكبيرة في الأجندة السياسية. من ناحية أخرى فإن الخطابات الموجة للسياسيين غالباً ما تتوقع بتغيرات الأجندة ويمكن أن تتفاعل بسرعة كبيرة مع الموضوعات المتغيرة. يشير لي لكيفية تغير الخطابات السريع في العدد و المحتوى في تفاعل مع الأحداث السياسية. وهو يشرح كيف تعكس الخطابات الآراء والأطر المرجعية للكتاب. تبين بياناته مدى تكرار ظهور الموضوعات الرئيسية في الخطابات. يحتوي الجدول التالي على بياناته التي تتعلق بالخطابات المكتوبة للرؤساء من 1960 إلى 1965 من الأمريكيين الأفارقة، حركة الجنوبيين البيض المضادة، و البيض المؤيدين للإندماج (عادة من غير الجنوبيين). الفروق في وجهات نظرهم واضحة. فبينما تركز خطابات الأمريكيين الأفارقة والكتاب الليبراليين البيض على الحقوق الشاملة بدرجة أكبر من أي موضوع أخر، يتحدث البيض في الحركة الجنوبية المضادة عن الشيوعية، حقوق الدولة ويزعمون أن نشطاء الحركة شيوعيين.

أكثر الأطر الفردية إنتشاراً

1960-1965

 

الأطر

نوع المرسل

أمريكي أفريقي

بيض الجنوب

الليبراليين البيض الغير عنصريين

الحقوق الشاملة

34%

--

36%

العدل والمساواة

24

--

13

المبادئ الديمقراطية

11

--

--

هوية السود ومصالحهم

15

--

--

الأخلاقية الدينية

12

8%

--

رأي عالمي

12

--

19

الرموز السياسية

11

--

--

الشيوعية والحرب الباردة

--

24

--

نشطاء الحقوق المدنية ضد الشيوعيين

--

17

--

حقوق دافعي الضرائب البيض

--

17

--

قادة الحركة والمنظمات

--

13

--

الجوهرية الدينية

--

6

--

وحشية الشرطة

--

--

19

الحماية المتساوية في القانون

--

--

15

عدد الخطابات

459

892

 

تشير الجوهرية الدينية إلى إدعاء بقول الإنجيل بأن البيض مختلفون عن السود جوهرياً

المصدر: هذا الجدول مختص من ثلاثة جداول في الصفحات 158،163 و 469 من كتاب حشد الرأي العام

وهو يدعي أيضاً أن تحليل الخطابات قدم معلومات أكثر من إجابات أسئلة المسح. فكتب " تلك الخطابات الفردية ... لم تكشف فقط عن وجهات نظر من أرسلوها بشأن الحقوق المدنية والإندماج العرقي ولكن أيضاً عن الخيارات التي قاموا بها فيما يتعلق بصياغة وتأطير وجهات النظر تلك. بينت تلك الخيارات القوة البلاغية للقيم الأساسية العزيزة والتأثير الباهر للمصالح الجماعية، الصراعات والعداء أو الحقد"

لا يدعي لي أن الخطابات تسجل بدقة آراء العامة بالكامل. فكتاب الخطابات لا يمثلون جميع البالغين فهم على الأرجح من الأفضل تعليماً والأكثر إهتماماً بالقضايا – خصوصاً القضية التي يكتبون عنها – عن معظم الناس. ولكن، يقول لي أن كتاب الخطابات هم مقياس معقول لآراء العامة المهتمين المعبئين وهم شريحة من الناس بين النخبة و العامة.

3.   الطرق النوعية الرسمية لمعرفة الرأي العام

المسوح ومعظم التجارب و تحليل لي للبريد طرق كمية أي أنها تتضمن إستخدام البيانات الكمية أو الرقمية. ولكن بعض الطرق البحثية نوعية، فهي تشمل إستخدام بيانات غير رقمية مثل أفكار الناس، الملاحظات، أو الآراء المذكورة بكلماتهم الخاصة. الغرض من البحث النوعي هو الكشف عن نوعية الرأي. بينما التحليل الكمي مفيد للغاية في تحديد عدد الناس الذين لديهم رأي معين، إلا أنه ليس مفيداً للغاية إلا بشكل سطحي في تحديد كيفية تفكير الناس ولماذا يفكرون هكذا. للبحث النوعي نقاط القوة والضعف العكسية، فهو عديم الفائدة في تحديد عدد الناس الذين لديهم رأي معين، ولكنه مفيد للغاية للكشف عن كيفية تفكير الناس ولماذا يفكرون بهذا الشكل. هناك العديد من الأنواع للبحث النوعي، ولكن تلك الأهم بالنسبة للبحث السياسي هي المقابلات العميقة ومجموعات التركيز.

أ‌.       المقابلات العميقة

في المقابلات العميقة يتكلم الباحثون مع الناس، عادة وجهاً لوجه، لأوقات أطول مما يفعلونه في البحث المسحي – غالباً عدة ساعات، يمكن تقسيمها على أيام. الهدف الأساسي للمقابلات العميقة الكشف عن وجهات نظر وآراء الناس الجاري مقابلتهم. وبدلاً من مطالبة المبحوثة بوضع نفسها على تدريج من سبعة نقاط بشأن العمل الإيجابي، يمكن سؤال المبحوثة في المقابلة العميقة ببساطة عن شعورها تجاه العمل الإيجابي، ستقدم من ثم رأيها ووجهة نظرها في الموضوع. وبدلاً من أن تعطي نفسها "5" على التدريج ستفسر ما تعتقده بشأن معنى "العمل الإيجابي"، ومتى يجب إستخدامه إن كان يجب وعلى من يطبق إن كان سيطبق. فقد تقول على سبيل المثال أن على الحكومة تطوير برامج العمل الإيجابي للفقراء ولمحاربي حرب فيتنام القدماء فقط. وربما تدعي أن الحصص الرقمية جيدة، سيئة أو ربما قد لا يكون لها رأي فيما يتعلق بالحصص. وستفسر أيضاً أسباب أرائها تلك. قد تتكلم المبحوثة في المقابلة العميقة لمدة 30 دقيقة عن موضوع واحد إن كانت تهتم به حقاً – أو لأقل من دقيقة إن لم تكن مهتمة.

قد تكون البيانات التي تم الحصول عليها من المقابلات العميقة دقيقة الإختلاف ومراوغة. يمكن للمرأ تعلم سياق آراء المبحوثين وكيفية يرسمون العالم في عقولهم. يمكن للباحث معرفة ما يعتقده شخص حقيقة فيما يتعلق بالعمل الإيجابي بدلاً من أن يعرف فقط أنه "5" . بالطبع لا يمكن للمرأ القيام بمقابلات عميقة كافية في مشروع بحثي واحد من أجل الموثوقية الإحصائية، فعادة يكون عدد المبحوثين 15. بناءاً على ذلك، لا يمكن تعميم نتائج الدراسات البحثية العميقة على المجتمع بالكامل الجاري فحصه. في البحث العميق كما في البحث النوعي بصفة عامة، هناك تخلي عن الموثوقية الإحصائية مقابل بيانات أكثر بنيوية وسياقية.

قام جوناثان شيل بمقابلة أفراد عائلة واحدة وجيرانهم أكثر من مرة خلال إنتخابات 1984. ولخص مزيا طريقته بهذه الطريقة:

"عرفت أنه على أساس كلامي مع هؤلاء الناس لا يمكنني إجراء تعميمات سياسية من النوع الذي تتيحه إستطلاعات الرأي السياسية، ولكنني أردت معرفة أمور لا يمكن لإستطلاع الرأي كشفها. بدلا من معرفة القليل عن الكثير من الأصوات، أردت معرفة كل شيئ يمكنني معرفته عن مجموعة قليلة من الأصوات. على كل حال، إعتقدت أن الإنتخابات حدثت هنا – في عقول المصوتين الأفراد في التحليل الأخير" (شيل، 4).

ربما أشهر دراسة من هذا النوع هي الفكر السياسي لروبرت إي. لاين. في هذه الدراسة، المنشورة في 1962، تكلم لاين مع 15 رجل أمريكي "متوسط" من حي واحد في مدينة أمريكية شرقية مطلة على ساحل البحر (يسميها الميناء الشرقي). كان الرجال جميعاً بيض متزوجين ولديهم أبناء. تكلم لاين مع هؤلاء الرجال الخمسة عشر خلال عدة ليالي لعدة شهور في عامي 1957 و 1958. في النهاية، قام بتجميع حوالي 3750 صفحة من النصوص الحرفية. حاول لاين بالأساس الكشف عن أفكار الرجال الكامنة ومصادر تلك الأفكار وكيف أنها دعمت أو أضعفت النظم الديمقراطية.

مع وجود بياناته المنظمة والمفصلة بشدة تناول لاين أفكار وأيديولوجيات الخمسة عشر رجلاً من عدة منظورات. لتوضيح منهجه يمكن أن نلقي نظرة سريعة على فصله التاسع حول وجهات نظر الخمسة عشر رجلاً بشأن دور الحكومة وإفتقادهم للآراء الساخرة. وجد لاين أن الرجال يشعرون بأن المسئولين يخدمون مصالحهم – أي الرجال – بخدمتهم للرفاهية العامة. لأن الرجال كانوا يعتقدون أن المسئولين يحاولون خدمة مصالح الشعب، إعتقدوا أن الشعب له السيادة وأن الأفراد بما في ذلك الرجال مهمين. إستنتج لاين أن الرجال يعتقدون، برغم عدم إفصاحهم صراحة،  أن "الشعب يدير الأمور بجعل رفاهيتهم معياراً للسياسة" (ص 160). لقد شعر الرجال أن مسئولي الحكومة مهتمين بالناس العاديين وهو الأمر المهم بالنسبة لهم.

يبين لاين كيفية إستخدام البحث النوعي في المجال السياسي في النصيحة التي يقدمها لجماعات المصالح المحافظة محاولاً التأثير على إتجاهات الشخص "المتوسط":

"يبدو أن الحملات المضادة للحكومة والمضادة للكونجرس للجمعية الوطنية للمصنعين، الصلب، البترول، والمرافق والمهن الطبية تم إستخدامها بطريقة خاطئة. ربما يعتقد رجال الميناء الشرقي – وبعضهم يعتقد ذلك بالفعل – أن رجال الكونجرس مبذرين وقليلي الكفاءة وثرثارين وأحياناً متبلدين – ولكنهم لا يرونهم باردين وغير قادرين على الإتصال وغير مبالين بمصيرهم. وذلك هو ما يهمهم" (ص ص 158- 59).

في كتاب في عام 1980، لن نتغلب على : الشعبوية وعمال الياقات الزرقاء قام إيميل بوتش بمقابلة 15 من عمال النسيج في مدينة جنوبية. كانت أعمار العاملين بين 18 و 33 ولديهم نفس المهن ذات الياقات الزرقاء في مصانع النسيج. كان منهم 10 بيض و 5 سود. قام بوتش بسؤالهم عن السياسة مع التركيز على الموضوعات الإقتصادية و العرقية. كان منهجه يرتكز على نموذج لاين عن قصد حتى أنه قابل 15 رجل.

في فصل حول الموضوعات الإقتصادية، يبين بوتش كيف يمكن للبحث النوعي أن يدعم، يفسر و يطور النتائج الكمية. عندما تم سؤالهم، قال 14 رجل من 15 أنهم يفضلون نسبياً أن توفر الحكومة الوظائف للناس الراغبين في العمل ولكنهم غير قادرين على إيجاد وظائف. ولكنه لاحظ أن آراء الرجال بشأن هذا الموضوع كانت معقدة للغاية. على سبيل المثال، قال أحد الرجال في البداية "بالتأكيد" عند سؤاله عما إذا كانت الحكومة يجب أن توفر الوظائف لمن يرغبون في العمل. " ولكن عندما سئل عما إذا كان يمانع في إنفاق أموال ضرائبه على هذا الأمر بدأ على الفور في التراجع" (ص 62) أوضح بوتش أن على المحلل أن يختبر تفاصيل آراء الرجال لكي يفهم جيداً آرائهم حول توفير الحكومة للوظائف. ثم لخص آرائهم بعد ذلك بطريقة أكثر دقة:

"سيكون ملخص آرائهم حول هذا الموضوع قريباً من الفرض التالي: يجب على الحكومة أن توفر الوظائف إذا (1) ثبتت الجدارة من خلال إستعداد الموظف المحتمل للحصول على وظيفة مثل تلك التي رغب فيها هؤلاء الرجال في حياتهم، (2) الوظائف مثل تلك غير متوفرة (يعتقد معظم الرجال أنها متوفرة) ولا يوجد حل أخر. غالبية هؤلاء الرجال سود أم بيض يعتقدون أيضاً أن الوظائف التي توفرها الحكومة لا يجب أن تكون أعلى في الجودة عن وظائفهم. الحماس مفتقد بشكل ملحوظ لزيادة الضرائب لتمويل خلق تلك الوظائف" (ص63)

مربع 2.2 حول تنوع الرأي

ب‌. مجموعات التركيز

تستخدم المشروعات التجارية مجموعات التركيز في بحوث التسويق يومياً. وهي تستخدم أيضاً من قبل المرشحين السياسيين بشكل منتظم. ولكن، نادراً ما تستخدم بواسطة الباحثين الأكاديميين.

حيث أن الموضوع الأساسي لهذا الكتاب هو ترجمة الرأي العام لسياسة عامة، من المهم دمج مجموعات التركيز في هذه المناقشة لأن العديد من السياسيين يستخدمونها بشكل موسع كمرشحين لمعرفة الرأي العام.

تشمل مجموعة التركيز مجموعة صغيرة من الناس، بصفة عامة حوالي 8-12 شخص ورئيس الجلسة. يطرح رئيس الجلسة الأسئلة وتكون غالباً أسئلة مفتوحة. السؤال النمطي قد يكون "ما رأيك في سياسات الرئيس؟" الهدف الأساسي لبحث مجموعة التركيز مثله مثل بحث المقابلة العميقة، هو معرفة رأي الناس في الموضوعات المهمة وكيف يفكرون فيها. أي، ما هي المنظورات التي يستخدمونها عندما يفكرون في الموضوعات؟ كيف يؤطرون الموضوعات؟ ماهي الموضوعات التي يعتقدون أنها مهمة؟ في حملته الأولى لمنصب حاكم ويسكونسن إستخدمت منظمة الجمهوري تومي تومسون مجموعات التركيز لتكتشف أن العديد من الناس في مقاطعة ميلواكي قلقين من بناء سجن جديد في المقاطعة. فقاوم تومسون بناء السجن الجديد في مقاطعة ميلواكي. لقد ساعدته مجموعات التركيز على معرفة هذا الأمر (الإقتباس).

تم إستخدام مجموعات التركيز أيضاً لتجربة مواقف أو تأكيدات جديدة متعلقة بالموضوعات أو القضايا. في الحملة الرئاسية لعام 1988، قامت منظمة جورج بوش بالعديد من مجموعات التركيز في نيوجيرسي لتقييم إستخدام ويلي هورتون كموضوع للحملة. ويلي هورتون مدان هرب أثناء الأجازة من سجن في ماساتشوستس وقام بعد ذلك بإغتصاب إمرأة. المرشح الديمقراطي كان مايكل دوكاكيس حاكم ماساتشوستس. وجد باحثو مجموعة تركيز بوش أنهم لو أثاروا موضوع هورتون وشرحوا أن دوكاكيس بصفته الحاكم مسئول عن تراخي سياسات السجن في ماساتشوستس ومن ثم فإنه مسئول عن جريمة هورتون، فإن ذلك سيجعل عدة مصوتين كانوا ينوون التصويت لدوكاكيس يغيرون أصواتهم ليعطوها لبوش (شيفر و جاتس 1989 ص ص360-63) ثم قام المرشح بوش بمهاجمة دوكاكيس لأنه المسئول عن جريمة هورتون وكان لذلك أثر كبير في الحملة.

ج. مزايا وعيوب البحث النوعي

1. المزايا

الميزة الأساسية للبحث النوعي هو أنه يمكن أن يكشف عن وجهات النظر وأنماط تفكير الأناس العاديين. لا يمكن للباحثين فقط معرفة ماهي آراء الناس ولكن كيفية تفكيرهم أيضاً بشأن تلك الموضوعات ولماذا لديهم الآراء التي لديهم. بينما في البحث الكمي، عدد الناس الذين لديهم رأي معين مهم، فإن أسباب هذا الرأي ثانوية. على سبيل المثال، إذا وجد باحث أن 36% من المبحوثين في مسح يدعمون حق المرأة في الإجهاض، فمن غير المرجح أن يعرف هذا الباحث سبب وجود هذا الرأي لدى المبحوث. التناسب هو الأمر المهم. في الغالب لن يعرف باحث المسح أن المبحوثة رقم 135 تدعم الحق في الإجهاض لأنها ترى أنه أمر يتعلق "بالحق في الخصوصية" ، بينما يدعم المبحوث رقم 257 الحق في الإجهاض لأنه يشعر أنه من المهم الإمتثال للقانون الموجود، بينما تعارض المبحوثة رقم 445 الإجهاض فعلياً إلا أنها أجابت بأنها تؤيده لأنها تعرف صعوبة محاولة إنفاذ قانون ضد الإجهاض، بينما لم يفكر المبحوث 543 جدياً في الموضوع قبل ذلك ولكنه يقول أنه معه لأنه لا يريد أن يبدو جاهلاً ويجب أن يقول شيئ ما. في معظم البحوث الكمية، يتم تجميع الأرقام ولا يتم أخذ أسباب آراء المبحوثين في الإعتبار.

ولكن في البحوث النوعية، يتم مطالبة مبحوثي الدراسة بتفسيرآرائهم. في مجموعات التركيز، يمكن للمشاركين عدم الإتفاق مع بعضهم البعض. يتم تناول أسباب الآراء ويمكن للباحث أن يصل لفهم كامل لوجهات نظر الناس وآرائهم. في حالة الإجهاض، يمكن للمشاركين تفسير مواقفهم، ويمكن للباحثين معرفة من يدعم الإجهاض من منظور "الحق في الخصوصية" ومن يدعمه من منظور الإنفاذ أو منظور أخر.

الميزة الأخرى للبحث النوعي أن الباحثين يمكن أن يعرفوا ما يلزم لكي يغير الناس آرائهم، كما فعلوا في حملة بوش. بينما من الممكن في المسح أن يتم تناول كيفية تغير آراء الناس عندما يواجهون دليل جديد (أنظر ويسبرج) إلا أن ذلك نادراً ما يحدث. ولكنه يتم بسهولة أكبر وأكثر في البحث النوعي.

يمكن للبحث النوعي أن يجيب على أسئلة لم يفكر الباحثون في طرحها. غالباً ما تخرج المناقشات لمناطق لم يقصد الباحث تغطيتها. في المسح الكمي، من المستحيل عملياً أن يجيب المبحوث على سؤال لم يتم طرحه.

2.العيوب

العيب الرئيسي للبحث النوعي هو أن النتائج ليست قابلة للتعميم. النتائج النوعية غير قابلة للتعميم لسببين. أولا، نادرا ما يتم إختيار المبحوثين عشوائيا. يتم إختيار الناس الذين تنطبق عليهم متطلبات الدراسة من دون أي جهد للتأكد من أن جميع من في المجتمع  فرصة متساوية ليتم إختياره. حتى لو تم اختيار المبحوثين بشكل عشوائي، فحجم العينة صغير للغاية بالنسبة للإستخدام الكمي (مدى الثقة 95٪ لعينة عشوائية من 15 مبحوث هي +/- 26 نقطة مئوية، وهو كبير جداً مما يجعله غير مفيد). بسبب عدم وجود التعميم في البحث النوعي، إذا كان لدى ستة من عشرة مشاركين في مجموعة التركيز رأي، لا نستطيع أن نقول بشكل مقبول أن 60٪ من أناس المجتمع لديهم هذا الرأي. في الواقع، لا نستطيع أن نقول أي نسبة من الناس لديها هذا الرأي. قد تكون النسبة الصحيحة 4٪ أو 97٪. نحن لا نعرف. يمكننا معرفة ما يفكر فيه الناس ولماذا يفكرون بهذه الطريقة، ولكن لا يمكننا أن نعرف كم منهم يفكرون بهذه الطريقة من البحث النوعي.

مربع 2.3 الأرقام الصعبة هنا

4.   من يقوم ببحوث الرأي العام؟

هناك ثلاثة أنواع من المنظمات تقوم ببحوث الرأي العام:

·       منظمات البحث الأكاديمي

·       وسائل الإعلام

·       السياسيين

·       الشركات التجارية

أ‌.       منظمات البحث الأكاديمي

لدى العديد من الكليات والجامعات مراكز بحوث. وهي تقوم بإجراء مجموعة واسعة من البحوث، بما في ذلك البحوث السياسية. ويمكن أن تقوم بالبحوث فقط للأغراض الأكاديمية، أو قد تقوم بالبحوث التجارية بالأجر للعملاء. عموما، تدار هذه المراكز بواسطة باحثين متخصصين مع مساعدين من الطلاب يتعلمون كيفية إجراء البحوث من خلال القيام بذلك.

مركز البحوث المسحية في جامعة ميشيغان وNORC في جامعة شيكاغو (NORC كانت تعرف سابقا باسم المركز الوطني لأبحاث الرأي) إثنين من منظمات البحوث الأكاديمية الأكثر أهمية. مركز أبحاث المسح هو جزء من معهد البحوث الاجتماعية . وقد أجرى بحوث إجتماعية وسياسية متعدد التخصصات تشمل جمع أو تحليل البيانات من مسوحات العينة العلمية لأكثر من 50 عاما. ودراسته الأهم بالنسبة لأغراضنا دراسة الانتخابات الوطنية الأمريكية. وقد أجريت هذه الدراسة لأول مرة في عام 1948 و 1952. ومنذ عام 1956 أصبحت تتم كل عامين في وقت إنتخابات الكونجرس والإنتخابات الرئاسية. دراسة الإنتخابات الوطنية هي المصدر الرئيسي للرأي العام على مدى نصف القرن الماضي، خاصة وأنها ترتبط بالتصويت. وتم تناول دراسة الإنتخابات الوطنية في 2000 على نطاق واسع في هذا الكتاب، وتم تضمين مجموعة فرعية من البيانات منها على موقع الكتاب على شبكة الإنترنت لإستخدامك الخاص.

NORC لديها مكاتب في جامعة شيكاغو وواشنطن العاصمة. وتشمل قائمة عملاء NORC الوكالات الحكومية، والمعاهد التعليمية، والمؤسسات، والمنظمات غير الربحية، والشركات الخاصة. وبالنسبة لنا، الدراسة الأكثر أهمية التي تجريها NORC هي المسح الاجتماعي العام. ويتم إجراء هذه الدراسة سنويا تقريبا منذ عام 1972. وتشمل أسئلة حول مجموعة متنوعة من الموضوعات. وعلى الرغم من أنها ليست أساساً مسح سياسي، فإنها تشمل العديد من المسائل السياسية.

كل من الدراسة الوطنية للانتخابات والمسح اجتماعي يستخدمان المقابلات وجهاً لوجه، على الرغم من أن الدراسة الوطنية للانتخابات أصبحت تستخدم المقابلات الهاتفية مؤخراً لإستكمال عينتها. وتشمل كلتا الدراستين الأسئلة التي تستخدم نفس الصياغة عاماً بعد عام بحيث يمكن تتبع الاتجاهات. على الرغم من أنها تمرحل الأسئلة  داخل وخارج الإستبيانات لحساب الموضوعات المتغيرة، فإنها تبقى العديد من الأسئلة على حالها بحيث يمكن مقارنة إجابات الناس.

ب‌. وسائل الإعلام

تقوم وسائل الإعلام أيضاً بإجراء العديد من الاستطلاعات السياسية. وتجرى معظم المسوح  الخاصة بوسائل الإعلام باستخدام المقابلات الهاتفية. يتم إجراء مسوح وسائل الإعلام عادة لخلق المواد لجمهور وسائل الإعلام. في كثير من الأحيان يكون لوسائل الإعلام الأكبر استطلاعات رأي سياسية خلال الحملات الانتخابية، وعندما تحدث قصص أو أحداث مهمة. تتعاون بعض وسائل الإعلام الرئيسية بشكل منتظم. على سبيل المثال، نيويورك تايمز وشبكة سي بي اس نيوز كثيرا ما ترعيان إستطلاعات الرأي معاً، كما تفعل صحيفة وول ستريت جورنال وشبكة ان بى سى نيوز.

برغم إمكانية قيام وسائل الإعلام بإجراء المقابلات الخاصة بها، فإنها عادة ما تستأجر شركات بحوث التسويق للقيام بها. إذا كنت ترى قصة استطلاع للرأي في صحيفة، إبحث عن "مربع كيف" وهو مربع يشرح كيف تم إستكمال المسح، فإنه عادة ما يحتوي على مواعيد المقابلات، وإسم الشركة التي أجرت المقابلات فعلياً، وحجم العينة، وهامش الخطأ عند درجة ثقة 95٪.

مربع 2.4 "مربع كيف

بالإضافة إلى إجراء دراسات تعاقدية، تقوم بعض الشركات التجارية بإجراء مسوح منتظمة وتبيع النتائج للمشتركين. منظمة جالوب (المعروف أيضا باسم المعهد الأمريكي للرأي العام) هي الأكثر شهرة بين هذه الشركات. في الواقع، كان جورج جالوب مسؤول إلى حد كبير عن نشأة إستطلاع الرأي في الثلاثينيات. في عام 1936، تحدى دقة مجلة الفهم الأدبي وباع إستطلاعاته للصحف مع ضمان رد الأموال على أن نتائجه ستكون أكثر دقة من نتائج المجلة. وبطبيعة الحال، كان أكثر دقة ولم يكن عليه أن يعيد أي أموال.

على الرغم أن إستطلاعات وسائل الإعلام والإستطلاعات التجارية لا تتم بهدف تطوير البحث العلمي، إلا أن نتائجها متاحة للباحثين الأكاديميين ويستخدمونها في تحليلهم. في الواقع، سنورد بعض هذه المسوح في هذا الكتاب.

العديد من الدراسات البحثية التي أجريت لوسائل الإعلام جيدة جدا، ولكن بعضها سيئ للغاية. في بعض الأحيان ترعى محطات التلفزيون المسوح الهاتفية ("إضغط 1 ل" نعم "و 2 ل" لا "). و في بعض الأحيان ترعى مسوح الإنترنت حيث المشاهدين أحرار في الرد عدة مرات كما يحلو لهم. وقد تم تسمية هذه الاستطلاعات SLOPE، إختصاراً للإستطلاعات الذاتية الإختيار لرأي المستمع. على الرغم أن محطات التليفزيون عادة ما تحذر المشاهدين أن هذه ليست إستطلاعات "علمية"، إلا أنها تتعامل معها كما لو كانت كذلك. كن على علم بأن هذه الإستطلاعات ليست علمية أو دقيقة. في الواقع، هي أسوأ من حالة عدم وجود معلومات على الإطلاق لأنها تعطي انطباعاً خاطئاً بأنها معلومات حقيقية. سيكون عليك أن تجتهد لتصل للحقيقة.

 

ج. السياسيين

يقوم السياسيون والأحزاب السياسية بإجراء الإستطلاعات بإنتظام، خلال الحملات وفي أوقات أخرى. يقوم المرشحون أيضاً برعاية مجموعات التركيز. في الواقع، بالإضافة إلى إستطلاعات وسائل الإعلام، واستطلاعات الرأي الحزبية والإستطلاعات التي يرعاها السياسيون، فإن مجموعات التركيز تمثل بعض الطرق الرئيسية التي يعرف من خلالها صناع القرار السياسي الرأي العام -  وبالتالي هي بعض من الطرق الرئيسية التي تمكن شاغلي المناصب من جمع الرأي العام الذي يترجم للسياسة العامة. ومع ذلك، غالباً ما يتم إجراء الأبحاث التي يقوم بها السياسيون لإيجاد سبل لتغيير الرأي العام وليس معرفته. يستخدم السياسيون المسوح ومجموعات التركيز لإيجاد الصياغة والعبارات لإستخدامها في ترويج السياسات التي يفضلونها للناخبين (جاكوبس وشابيرو 2000).

د. الشركات التجارية

هناك العديد من شركات الأبحاث التجارية التي تعمل لحساب عملاء وسائل الإعلام، والأحزاب السياسية، والسياسيين الأفراد. بعض من تلك الشركات التي تجري الأبحاث للأحزاب والسياسيين تعمل لحساب كل من الديمقراطيين والجمهوريين على السواء، والبعض الآخر يعمل فقط لحساب حزب واحد. هذه الشركات عادة ما تقوم أيضاً بإجراء البحوث للعملاء الغير سياسيين، مثل الشركات التجارية العادية. القائمة التالية تبين شركات أبحاث التسويق التجاري التي تجري استطلاعات الرأي أو مجموعات التركيز لكلا الحزبين، وللجمهوريين فقط، وللديمقراطيين فقط. ويرافق كل شركة في القائمة وصف موجز مأخوذ من موقعها على شبكة الإنترنت. لا يوجد ضمان هنا بشأن دقة هذه المزاعم.

 

Free Web Hosting